إنتخابات طرابلس الفرعيّة… الأرقام تتكلّم

هل ستعود ديما الجمالي إلى البرلمان؟ الأمر يتوقّف على أكثر من عامل يتمحور حول طبيعة التحالفات التي ستتظهّر بشكل نهائي عشيّة إجراء الإنتخابات الفرعيّة. والأنظار شاخصة اليوم نحو موقف “تيّار العزم” الذي يتمتّع بثقل إنتخابي كبير من شأنه أن يميل الدفّة إلى هذا الطرف أو ذاك. فكيف هي خريطة القوى بحسب الأرقام التي سُجّلت في الدورة الإنتخابية الأخيرة؟.

بحسب نتائج دائرة “الشمال الثانية” التي تضمّ 11 مقعدًا (8 في طرابلس و2 في الضنية و1 في المنية) بلغ مجموع الناخبين 350,144 ناخبًا، إقترع منهم 151,759 ناخبًا فقط (أيّ ما نسبته 43,34%)، وبلغ “الحاصل الإنتخابي” النهائي 11,187 صوتًا، لكنّ المعركة الإنتخابيّة الفرعيّة المُنتظرة بعد نحو شهرين ستجري حصريًا في طرابلس، ما يعني أنّ مجموع الناخبين الإجمالي سيتراجع إلى 237,330 صوتًا، ولا قيمة للحاصل الإنتخابي كون النتيجة ستُحتسب وفق المبدأ الأكثري وليس النسبي. وعادة في الإنتخابات الفرعيّة تتراجع نسبة المُشاركة مُقارنة بنسبتها في الإنتخابات العامة، ما يعني أنّها ستتدنّى عن 43 %، مهما كانت الحوافز وحملات التجييش.

تذكير أنّ لائحة “تيّار المُستقبل” كانت حصدت 51,937 صوتًا في دائرة “الشمال الثانية”، وفازت بنتيجة ذلك بخمسة مقاعد من أصل 11، بينما نالت لائحة “تيّار العزم” 42,019 صوتًا، وحصدت أربعة مقاعد، علمًا أنّ المقعدين الأخيرين ذهبا لصالح كل من النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد بعد أن حصدت لائحتهما (باسم “الكرامة الوطنيّة”) 29,101 صوتًا. واللافت أنّ المُرشّح الخاسر والذي طعن بالنتائج، أي طه ناجي، والذي كان على لائحة كرامي والصمد، نال 4,152 صوتًا، بينما نالت النائبة التي جرى الطعن بفوزها وسُحبت النيابة منها، أي ديما الجمالي 2,066 صوتًا.

وإذا ما حصرنا الأرقام بطرابلس، فإنّ لائحة “تيّار المُستقبل” نالت 25,468 صوتًا، بينما نالت لائحة “تيّار العزم” 28,695 صوتًا، في حين نالت لائحة “الكرامة الوطنيّة” 15,799 صوتًا. إشارة إلى أنّه إضافة إلى هذه اللوائح الثلاث الأساسيّة، تنافست أيضًا في الإنتخابات النيابيّة الأخيرة خمس لوائح أخرى، إحداها لائحة “لبنان السيادة” التي كانت بقيادة اللواء المُتقاعد أشرف ريفي، وهي حصدت في طرابلس وحدها 7,663 صوتًا، ولائحة “القرار المُستقل” بقيادة النائب السابق مصباح الأحدب التي حصدت في طرابلس وحدها أيضًا 3,195 صوتًا، ولائحة “كلنا وطني” التي حصدت في طرابلس 2,141 صوتًا، ولائحة “قرار الشعب” التي حصدت في طرابلس 1,201، ولائحة “المُجتمع المدني المُستقلّ” التي نالت في طرابلس 364 صوتًا فقط.

وبالتالي، وإستنادًا إلى الأرقام المذكورة أعلاه، إنّ رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي هو الأقوى في طرابلس، وموقفه من الإنتخابات سيكون حاسمًا لتحديد وجهتها، حيث أنّ خوضه المعركة الإنتخابيّة بمرشّح سيترك إرتدادات مُغايرة تمامًا لقيامه بدعم أحد المُرشّحين، أو حتى لوقوفه على الحياد وترك الحُريّة لمُناصريه. إشارة إلى أنّ “تيّار المُستقبل” الذي وفى بوعده لتيّار العزم، وعيّن أحد المُقرّبين منه وزيرًا، يتوقّع ألّا يخذله “تيّار العزم” في المعركة الفرعيّة، علمًا أنّ قيام هذا الأخير بردّ الجميل للمُستقبل في المعركة الفرعيّة سُيحرّره في خطواته السياسيّة في إستحقاقات مُستقبليّة أكثر شُموليّة وأكثر أهميّة أيضًا. وفي حال إختار “العزم” الحياد، ستحتدم المعركة الإنتخابيّة أكثر، وسيُصبح لقرار قوى سياسيّة طرابلسيّة أخرى أهميّة مُضاعفة. وبالنسبة إلى القُوّة الرابعة إنتخابيًا في طرابلس–ودائمًا بحسب نتائج الإنتخابات النيابيّة الأخيرة، أي مُناصري المدير السابق لقوى الأمن الداخلي، فقرار المُشاركة في الإنتخابات من عدمه، سيُعلنه اللواء ريفي في 14 آذار المقبل، علمًا أنّ من شأن خوض هذا الأخير الإنتخابات مُجدّدًا أن يحرم “تيّار المُستقبل” جزءًا من أصوات مُناصريه المُتشدّدين–إذا جاز التعبير، من دون أن تكون فرصته في الفوز كبيرة. وفي ما خصّ مُرشّحي باقي اللوائح فلا فرصة جدّية لهم بالفوز في حال خوض أيّ منهم المعركة الفرعيّة، ما يعني أنّ أصوات مؤيّديهم ستتوزّع على منافسين آخرين أو ستتلاشى تحت ستار تجاهل ومُقاطعة الإنتخابات.

إذًا، الأيّام المُقبلة ستُحدّد نتائج الإنتخابات تبعًا لموقف “تيّار العزم” بالدرجة الأولى، وتبعًا لموقف اللواء ريفي بدرجة ثانية وأقل أهمّية. فالمعركة بين مُرشّح “المُستقبل” ومُرشّح من لائحة “الكرامة الوطنيّة” تُعطي الفوز للأوّل، وهذا الفوز سيكون كبيرًا في حال إتخذ “تيّار العزم” موقفًا حياديًا من المعركة، وسيكون ساحقًا في حال إصطفّ إلى جانب مُرشّحة “المُستقبل”. أمّا في حال خوض “العزم” المعركة بمرشّح–وهذا أمر مُستبعد، فإنّ الأوراق كلّها ستختلط من جديد، وسيكون عندها لموقف اللواء ريفي من الإنتخابات أهميّة كبيرة، لجهة الوُقوف إلى جانب “تيّار المُستقبل” لدعمه، أو الترشّح بوجهه وافقاده من جديد مجموعة لا بأس بها من الأصوات.النشرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *