هل اقترب موعد تفكيك حلف شمال الأطلسي؟

طلبت الولايات المتحدة الامريكية من دول حلف شمال الاطلسي ملء الفراغ الناتج عن الانسحاب الامريكي من سوريا، لمنع ظهور تنظيم الدولة “داعش” مرة أخرى، مع وجود معارضة ألمانية وإسبانية لهذا الطلب وتحفظ فرنسي صامت، وكانت باريس قد أعلنت عن امتعاضها من تغريدات للرئيس الامريكي دونالد ترامب طالب فيها الدول الاوروبية باسترداد رعاياها الاعضاء في تنظيم الدولة “داعش” الموجودين في السجون العسكرية الامريكية والا سوف تقوم امريكا بالافراج عنهم. اسبانيا كانت اكثر وضوحا من فرنسا في انتقاد الموقف الامريكي هذا حيث قال وزير الخارجية الاسباني”جوزي بوريل” ان مثل هذه الطلبات لا يتم تقديمها من خلال مؤتمر صحافي، واكد ان دول الناتو غير مستعدة لمل الفراغ الناتج عن الانسحاب الامريكي المفاجئ، مضيفا ان الانسحاب الامريكي من شرق الفرات سيؤدي لزيادة نفوذ ايران وروسيا في المنطقة.

ترامب الذي يعمل وفق قناعاته بعيدا عن تأثيرات الكونغرس والعسكر الامريكي في الداخل والحلفاء العرب والاوروبيين في الخارج صرح اكثر من مرة أنه يريد ان تتوقف امريكا عن لعب دور شرطي العالم، ويريد الانتهاء من الحروب المستمرة التي تخوضها امريكا نيابة عن حلفاء ضعفاء ولا يدفعون تكاليف تلك الحروب، وهو أكد أنه يريد من حلفاء امريكا ان يتحملوا مسؤولياتهم تجاه التهديدات الامنية والاقتصادية والعسكرية المشتركة، لا ان تقوم امريكا بمحاربة هذه التهديدات وحدها وعلى حسابها في كل مرة، خاصة مع وجود تكاليف ضخمة للحروب التي وصفها ترامب بدون نهاية.

الدول الأوروبية لا تريد أن تدخل في بازار ابتزازات ترامب التي لا تنتهي حسب مصدر دبلوماسي فرنسي، وهي لن تورط نفسها في حروب في وقت تعمل فيها واشنطن على الانسحاب من سوريا، ومن بعدها من أفغانستان وسط اتفاقات مع روسيا تعقدها أمريكا في غياب كامل لحلف شمال الأطلسي وللدول الأوروبية، خصوصا أن الازمات الأقتصادية في أوروبا وصل صداها إلى الشارع مع مظاهرات أصحاب “السترات الصفراء” في فرنسا المستمرة منذ عدة أشهر ومع انتقال العدوى إلى كل من إيطاليا وبلجيكا وإسبانيا، ما ينذر باضطرابات اجتماعية داخلية سوف تتفاقم في حال تدخلت الدول الأوروبية في حروب مباشرة حول العالم أمام الحليف الأمريكي الكبير والقوي، ويعتبر اليسار الأوروبي أن أمريكا المستنزفة حول العالم تريد القذف بأوروبا الى المستنقعات التي غرقت فيها واشنطن تمهيدا لتفكيك الاتحاد الأوروبي بعدما خرجت منه بريطانيا بدعم أمريكي خفي ومن خلف الستار.

الأزمة في حلف شمال الأطلسي وبين أمريكا وأوروبا لن تتوقف عند هذه الحدود، والجميع أمام خيارين لا ثالث لهما، في حال قبل الأوروبيون الحلول مكان الأمريكي فهم يخاطرون بتصدع جبهاتهم الداخلية في بلدانهم، وإن لم تقبل الدول الاوروبية او دول الناتو الدخول لمنطقة شرق الفرات لملء الفراغ الامريكي فيمكن القول ان حلف الناتو قد تصدع لدرجة كبيرة مع فقدان للثقة بين أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي لدرجة من الصعب إصلاحها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *