“وي تشات” الصيني.. “الرفاه” الاجتماعي مقابل انتهاك الخصوصية

تطبيق يوصف بأنه من أقوى التطبيقات في العالم، ويسهل لمستخدميه حياتهم اليومية، بل يتيح لهم جميع خيارات التواصل وقضاء حوائجهم، لكنه في المقابل ينتهك معطياتهم الشخصية.

ذلك هو “وي تشات” (weChat)؛ تطبيق صيني يجمع في بنيته العديد من مواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الهواتف الذكية، وطرق الدفع الإلكتروني وغيرها من التطبيقات والطرق التي تسهّل الحياة اليومية للناس، الأمر الذي يجعله أكثر تطبيق مُستخدم حول العالم.

برنامج للتواصل الاجتماعي والمراسلة الحرة والتجارة وخدمات الدفع وغيرها، استطاع أن يستقطب اهتماما واسعا داخل الصين وخارجها، ما جعله أحد أكبر التطبيقات انتشارا من حيث المستخدمين النشطين.

ويتجاوز عدد مستخدمي التطبيق المذكور، مليار شخص، 200 مليون منهم فقط من خارج الصين.

ويرى البعض أنه في الوقت الذي يتيح فيه التطبيق “الرفاه الاجتماعي” للمواطنين الصينيين، إلا أنه يقلّص، في الآن نفسه، من حدود الحياة الخاصة والشخصية لديهم.

ويبلغ عمر التطبيق الإلكتروني 5 سنوات، حيث أطلقته شركة “تينسنت” الصينية للتكنولوجيا، وكان في بداياته شبيها بتطبيق المحادثة الشهير “واتس آب”.

** رقابة من نوع آخر؟

تحظر الصين على أراضيها استخدام كافة تطبيقات التواصل الاجتماعي أمريكية المنشأ، مثل “فيسبوك”، و”يوتيوب”، و”واتس آب”، و”انستغرام” و”تويتر”.

ومن هذا المنطلق، جاء طرح الصين لتطبيق “وي تشات”، كي يكون بديلاً للتطبيقات العالمية المحظورة، في خطوة تستهدف عبرها فرض الرقابة الاجتماعية والتكنولوجية على مواطنيها.

وبإمكان الحكومة الصينية التي يرأسها الحزب الشيوعي، مراقبة مستخدمي تطبيق “وي تشات”، أين ومتى شاءت.

وبإمكان الحكومة الصينية التي يرأسها الحزب الشيوعي، مراقبة مستخدمي تطبيق “وي تشات”، أين ومتى شاءت

وتقضي سياسية الخصوصية للتطبيق المذكور، موافقة المستخدم بشكل إجباري على مشاركة بياناته الشخصية مع أطراف أخرى في بعض الحالات، دون الحصول على إذن مسبق منه.

وتنص بنود سياسة الخصوصية للتطبيق الصيني على “مشاركة البيانات الشخصية للمستخدم والمخزنة لدينا، مع الأطراف الأخرى أو مع الرأي العام في الحالات الاستثنائية، وذلك بموجب القوانين والمعايير المتبعة في البلاد، ودون الحصول على إذن مسبق من المستخدم نفسه”.

وبموجب سياسات الخصوصية أيضاً، يمكن “مشاركة البيانات الشخصية للمستخدم دون الحصول على إذن مسبق منه، في الحالات التي يتطلبها الأمن القومي، والدفاع الوطني، والأمن العام، والصحة العامة، ومصالح الدولة، والتحقيقات، وفي الإجراءات القضائية”.

ورغم ظهور اعترافات بقيام جميع مواقع التواصل الاجتماعي، بتخزين بيانات مستخدميها، ومشاركتها في بعض الأحيان مع الأجهزة الرسمية للدول، إلا أن جميعها لم تكن رسمية وعلنية بالشكل الذي يقوم عليه “وي تشات”.

واستطاع التطبيق الصيني الذي يملك مليار و85 مليون مستخدم نشط، وتصل قيمته السوقية إلى مليارات الدولارات، الدخول إلى مصاف أكثر منصات التواصل الاجتماعية استخداماً حول العالم.

ومع أنه يمكن إلى حد ما تفهّم سياسة الخصوصية المطبقة على الصينيين، لعدة اعتبارات تهم طبيعة النظام بهذا البلد، إلا أن اللافت هو أن هذه السياسة لا تقتصر على المواطنين الصينيين فقط، وإنما تشمل أيضا جميع مستخدمي التطبيق حول العالم.

** ميزات أخرى

إحدى العناصر الأخرى التي تميّز التطبيق الصيني عن مثيلاتها العالمية، أنها تجمع ميزات العديد من التطبيقات، في قاعدة بيانات واحدة.

فمستخدمو التطبيق بإمكانهم الاستغناء عن محفظاتهم النقدية، وتسديد أثمان مشترياتهم عبر التطبيق نفسه.

كما يمكن لمستخدم “وي تشات”، إرسال النقود إلى مستخدم آخر، في عملية أشبه بالحوالات المصرفية.

كما يمكن لمستخدم تطبيق “وي تشات” إرسال النقود إلى مستخدم آخر، في عملية أشبه بالحوالات المصرفية

ويقضي مستخدمو التطبيق الصيني وقتاً أطول في استخدام التطبيق، مقارنة بمستخدمي التطبيقات الأخرى حول العالم.

ففي الوقت الذي يقضي فيه مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” 22 دقيقة يومياً على التطبيق، فإن هذه الفترة الزمنية تصل 4 ساعات يومياً بالنسبة لمستخدمي “وي تشات”، بحسب بيانات موقع المنتدى الاقتصادي العالمي باللغة الصينية.

وبناء على ما تقدم، يقضي الشعب الصيني الذي يُصنّف بعدده البالغ مليار و43 مليون نسمة، كأكبر شعب حول العالم، أغلب وقته على تطبيق “وي تشات”.

لكن يظل المقابل الذي يدفعه الحاصلون على جميع هذه التسهيلات والإمكانات التي يتيحها، هو التخلي عن سرية حياتهم وبياناتهم الشخصية. (الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *