خفايا الساعات الأخيرة لتشكيل الحكومة

خفايا الساعات الأخيرة لتشكيل الحكومة: شيك على بياض من حزب الله لباسيل ورسالة عون قرأها جميل السيد!
3 عوامل أدّت لانقلاب المشهد الحكومي رأسا على عقب. فما كان يرفضه الفرقاء السياسيون قبل أسبوع قبلوا به بعد وصولهم الى قناعة بأن أيّ حل سيعبر فوقهم اذا لم يسارعوا ليكونوا شركاء فيه. ولعل نظرة سريعة لما آلت اليه الأمور قد يُظهر رئيس “​التيار الوطني الحر​” الوزير ​جبران باسيل​ أبرز المتنازلين والمتراجعين بعد قبوله التخلّي عن “الثلث الضامن”، لكن مزيدا من التروّي في قراءة المعطيات، يؤكد ان التسوية الأخيرة دفع ثمنها أكثر من طرف وان كانت القيمة المدفوعة غير متساوية.

وتتحدّث مصادر في ​قوى 8 آذار​ مقرّبة من ​حزب الله​ عن 3 متغيّرات أساسيّة أدت للافراج عن التشكيلة ​الحكومة​، أبرزها اقتناع الوزير باسيل باستحالة سير مختلف الفرقاء بحصوله على الثلث الضامن، وتزامن ذلك مع المواقف الأخيرة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله ​السيد حسن نصرالله​، والتي بدت أشبه بشيك على بياض قدمه لرئيس “التيار” حين تحدّث عن “صداقة” تجمعه بالرجل وثقة، وذهب بعيدا بمغازلته، ما أدّى الى مسارعة باسيل لملاقاته عند منتصف الطريق. وتضيف المصادر: “حزب الله لن ينسى لباسيل المواقف التي قالها أمام الاميركيين خلال ​حرب تموز​ والتي تمّ تسريبها في ويكليكس، وهي الأخرى دين برقبته سيسعى لتسديدها خلال السنوات الـ4 المقبلة”.

وبحسب المعلومات فانّ باسيل فهم من الرسائل المباشرة التي وجهها نصرالله عبر مقابلته التلفزيونيّة الأخيرة، كما عبر الرسائل غير المباشرة التي وجّهها عبر موفدين ان وزراء الحزب سيكونون الثلث الضامن وزيادة لرئيس “التيار” خلال العمل الحكومي، وسيقفون الى جانبه ما جعله يقتنع بالاستغناء عن الحصول على الوزير الحادي عشر طالما نجح بالحصول على 13 وزيرا، واعتبار الثناء الذي سمعه من نصرالله أهم من الثلث الضامن نفسه. وتضيف المصادر: “هناك تفاهم واضح بين باسيل والحزب غير معلن، مفاده انه اذا لم يكن وزير الخارجية مقتنعا مثلا بجدول أعمال معيّن، فما عليه الا ان يتّصل بالحزب ليبلغه بذلك ليقف مباشرة معه في التصدّي له”.

أما العنصر الثاني الّذي سهل ​الولادة​ الحكوميّة فالضغوط التي مارسها “حزب الله” على نواب “​اللقاء التشاوري​” لتوحيد كلمتهم والسير بنجل النائب ​عبد الرحيم مراد​ ممثّلا عن “اللقاء”، بعد اعتبار الحزب ان الامور وصلت الى خواتيمها. ويأتي العنصر الثالث الذي تحدثت المصادر واختصرته بما قالت انه “خوف ​الحريري​” من سحب التكليف، خاصة وأن التهديد ورد على لسان النائب ​اللواء​ ​جميل السيد​ الذي بات مقربا جدا من ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ ويقوم بزيارة أسبوعيّة له. وأضافت المصادر: “عون قرّر استبدال الرّسالة التي كان سيتوجه بها الى ​المجلس النيابي​، والتي كانت على الارجح ستكون دون مفاعيل فوريّة بتحميل السيّد رسالة قرأ مضمونها خلال مؤتمره الصحافي الأخير الذي عقده من المجلس النيابي”. وقد تلقّف الحريري، بحسب المصادر، هذه الحركة فسارع بالقبول على مضض باسم حسن مراد رغم الفيتو الذي كان يضعه عليه، نظرا للمنافسة الكبيرة بينه وبين والده عبد الرحيم مراد على الزعامة السنّية في ​البقاع الغربي​”.

لكن ما يسري على الحكومة بالنسبة لحزب الله لا يسري على ​رئاسة الجمهورية​، فالحزب حين قدّم لباسيل “شيك على بياض” كان واضحًا بأنه لا يلحظ تبنّي ترشيحه لرئاسة الجمهوريّة المقبلة، أولا من مبدأ أخلاقي باعتبار أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا يزال في منتصف عهده ولا يصحّ الحديث عمّن سيخلفه، وثانيًا لاقتناع الحزب بأن الرئيس المقبل تحدّده الظروف التي ستكون متوافرة بعد أربع سنوات.

اذا، هو ​القطار​ الحكومي انطلق وبعد طول انتظار، لكن السؤال الاساسي يبقى هل سيتوقّف قريبا عند أول عقبة، نظرا لاصرار الفرقاء على نقل المناكفات السياسيّة الى طاولة ​مجلس الوزراء​، وهل سيتمنى ​اللبنانيون​ لو ظلّوا في كنف حكومة ​تصريف الأعمال​ في ظلّ ما يتمّ تداوله عن اجراءات تقشفيّة سيدفع ثمنها محدودو الدخل لمواجهة الأزمة الاقتصاديّة المستفحلة؟.النشرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *