بعد تحقيق استغرق أشهرا، أكد مراسل “بي بي سي” ريام دالاتي أن المشاهد التي قيل إنها صورت في مستشفى مدينة دوما شرقي دمشق يوم الهجوم الكيميائي المزعوم هي مجرد مسرحية.
وذكر دالاتي في سلسلة تغريدات نشرها يوم الأربعاء الماضي تعليقا على تقرير نشره زميله جيمس هاركين على موقع The Intercept، أن المدينة الواقعة في غوطة دمشق الشرقية تعرضت في الواقع لهجوم في السابع من نيسان/أبريل العام الماضي، لكن غاز السارين لم يستخدم فيها، ومن المتوقع أن تؤكد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ما إذا استخدم هناك غاز الكلور أو أي مادة سامة أخرى.
وتابع: “لكن عدا ذلك، كل ما حول الهجوم كان مفبركا كي يكون لديه أكبر قدر ممكن من التأثير.. بعد نحو ستة أشهر من التحقيقات أستطيع التأكيد دون أدنى شك أن مشاهد مستشفى دوما مسرحية ولم تسقط هناك ضحايا”.
وأشار الصحفي إلى أنه توصل إلى هذا الاستنتاج استنادا إلى مقابلات مع نشطاء وعناصر لـ”الخوذ البيضاء” وشهود عيان آخرين.
ولفت إلى أن أحد الأشخاص الثلاثة أو الأربعة الذين صوروا تلك المشاهد المسرحية هو الطبيب المدعو أبو بكر حنان، واصفا إياه بأنه “عنيف ومراوغ” ومرتبط بتنظيم “جيش الإسلام” الذي كان يسيطر على دوما حتى تحريرها من قبل الجيش السوري في الربيع الماضي.
ولفت دالاتي إلى أن الحديث في ذلك الشريط يدور عن “عدم وجود عدد كاف من الأطباء”، لكن شخصا واحدا وهو طبيب، كان يصور المشاهد بدلا عن مساعدة زملائه.
وأكد الصحفي أن دولة واحدة في “الناتو” على الأقل كانت على دراية بما حصل في المستشفى، مضيفا أن موسكو ركزت على نفي صحة المشاهد من المستشفى، فيما لم يعلم أحد ما حدث في المبنى السكني الذي قيل إن الهجوم وقع قربه، باستثناء “النشطاء الذين تلاعبوا بالمشهد” هناك.
من جهته، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف اليوم الجمعة، أن السياسيين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذين اتخذوا قرار قصف سوريا، يحاولون تناسي هذا القرار بعد أن تم الكشف أن الهجمات الكيميائية على دوما السورية كانت مفبركة.
وقال كوناشينكوف: “كثيرون من كبار السياسيين في الولايات المتحدة وأوروبا، ممن نادوا بأعلى صوتهم في حينها “بحماية المدنيين في سوريا من الهجمات الكيميائية الوحشية للنظام” ومن صرحوا بتوجيه ضربات صاروخية وجوية على سوريا، سيحاولون “نسيان” الموضوع تفاديا للمسؤولية الأخلاقية والسياسية والجنائية”.
وذكر كوناشينكوف أن قرار منح منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، كان قد اتخذ أيضا على أساس هذا التصوير المفبرك.
بدوره، اعتبر مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن اعتراف دالاتي بفبركة الهجوم الكيميائي على دوما لن يغير موقف الدول الغربية تجاه سوريا.
وأضاف نيبينزيا: “أعتقد أن الشركاء الغربيين سيتجاهلون ذلك. الدول الغربية مشحونة بالنهج المعادي لسوريا والمناهض لدمشق ولذا سيبقى وعي هذه الدول منغلقا على مثل هذا النوع من المعلومات”.
وأعاد الدبلوماسي الروسي إلى الأذهان، أن هذا الوضع تكرر مرات عدة، وقال: “هل تذكرون “الخوذ البيضاء”؟ عقدنا لقاء بحثنا فيه “الخوذ”، وشرحنا حقيقة هذه الجماعة في الواقع لكنهم أكدوا لنا، أن “الخوذ” أبطال إنسانيون ويلعبون دور الأمم المتحدة في المناطق التي لا يسمح النظام السوري للمنظمة الدولية بدخولها”.
وأضاف: “عندما وصل هؤلاء “الأبطال” إلى الأردن، تلقوا الوعود بتوزيعهم على الدول الغربية، الراعية الحقيقية لهم والتي وظفت فيهم أموالا طائلة”.
وأصبح الهجوم الكيميائي المزعوم ذريعة لشن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في ليلة 13-14 نيسان/أبريل 2018 سلسلة ضربات على أهداف تابعة للحكومة السورية.