«صفقة القرن»… إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية

إذا شكل بنيامين نتنياهو مرة أخرى الحكومة التالية، فسيقف أمام تحدٍ غير بسيط: صفقة القرن لإدارة ترامب. يدور الحديث عن خطة إشكالية من ناحية رئيس الوزراء. لو كانت عرضت قبل الانتخابات، في الوقت الذي يرتدي فيه عباءة زعيم اليمين، لكان وقفت أمامه كتلة اليمين بنفسها ـ نفتالي بينيت، آييلت شكيد وافيغدور ليبرمان. وهؤلاء لا يكفون عن الادعاء بأنهم اليمين الحقيقي، وأن نتنياهو يتباهى بريش ليس له.
ليس صدفة أن أجل الرئيس الأمريكي عرض الخطة إلى ما بعد الانتخابات. فهو يعرف أن من شأنها أن تورط نتنياهو وأن تشكل عائقاً في طريقه لإعادة احتلال رئاسة الوزراء.
من التسريبات المتعلقة بالخطة، يتبين أن الدولة الفلسطينية التي ستقوم ستقع على نحو 90 في المئة من أراضي يهودا والسامرة. البؤر الاستيطانية غير القانونية ستخلى، والأماكن المقدسة وإن ستكون تحت السيادة الإسرائيلية، ولكن بإدارة مشتركة مع الفلسطينيين والأردنيين. كما ستقوم الخطة أيضاً على أساس تبادل الأراضي، ما يسمح بضم الكتل الاستيطانية في معاليه ادوميم، وغوش عصيون، واريئيل.
المشكلة الأكبر في الخطة من ناحية نتنياهو واليمين ستكون المواجهة مع تقسيم القدس. وفقاً لما يلوح في الأفق، فإن عاصمة إسرائيل ستكون في غرب المدينة وعاصمة الدولة الفلسطينية التي ستقوم في شرقها. صحيح أن هذه رؤية متكررة، ولكن من الصعب أن نرى الجناح اليميني في الخريطة السياسية يقبل هذا القضاء.
على مدى السنتين الأخيرتين عرفنا أن الرئيس ترامب مصمم على أن يفي بكلمته وينفذ وعوده ـ مثلما في حالة نقل السفارة إلى القدس، حتى وإن لم يدر الحديث عن خطوات ناجحة أو مبررة. ما يعني أنه سيكون من الصعب أن تنتزع منه مساومات وتنازلات. في كل الأحوال، ستكون محاولة لأن يربط بتنفيذ الخطة مصر، والأردن، والسعودية ودول الخليج، التي لكل واحدة منها تأثير على الفلسطينيين.
ترامب مقتنع بأن هذه الخطة هي السبيل الأصح والأفضل للوصول إلى حل وإنهاء هذا النزاع الطويل المضني بين إسرائيل والفلسطينيين مرة واحدة وإلى الأبد. ينبغي الافتراض بأنه معني أيضاً بأن يسجل في كتب التاريخ ـ نجح في ما فشل فيه كثيرون وطيبون قبله في البيت الأبيض.
أما نتنياهو، بالطبع، فيعرف السيناريو الذي سيعلن بعد الانتخابات. يعرف أنه ستكون له مشكلة مع مصوتي اليمين، ممن لن يكونوا جميعاً مستعدين لأن يقبلوا مبادئ الخطة. يحتمل أن يأخذ بالحسبان أنه في مثل هذه الحالة سيأتي الخلاص إليه من كتلة الوسط ـ اليسار. فهؤلاء، كما يمكن التخمين، سيؤيدون التسوية الدائمة التي ستحظى أيضاً بإسناد من الدول العربية المعتدلة والدول الأوروبية.
بني غانتس، ويئير لبيد، وآفي غباي، وتمار زندبرغ سيؤيدون-كما ينبغي الافتراض-خطة ترامب وسيعطلون معارضة اليمين. هكذا سيجعلون هذه الخطة صفقة القرن لنتنياهو.

أفرايم غانور
معاريف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *