يلتقي وزراء دفاع دول التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، في ميونيخ الجمعة لمناقشة كيفية تنظيم صفوفهم بعد أن يتم طرد الجهاديين من آخر جيب لهم في سوريا وتغادر القوات الأمريكية البلاد.
والوقت يضيق، فمقاتلو التنظيم الجهادي الذين تحاصرهم قوات عربية-كردية مدعومة من الولايات المتحدة، يدافعون بشراسة عن جيبهم الأخير في شمال شرق سوريا بعدما تقلصت مساحة سيطرته إلى كيلومتر مربع.
ومع قرب اعلان انتهاء “الخلافة” التي أعلنها تنظيم الدولة الاسلامية فإن القوات الأمريكية تستعد للانسحاب من مناطق يسيطر على الأكراد، ما سيفضي إلى إعادة تموضع الاطراف الاخرى في المنطقة.
ويحضر حوالي 20 وزيرا اجتماع ميونيخ بحسب ما أفاد أحد المصادر وبينهم وزراء دفاع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.
وتعد القوات الأمريكية أكبر المشاركين في التحالف لمحاربة الجهاديين وسيؤدي انسحابها بعد إعلان هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية إلى إعادة خلط الأوراق بين مختلف اللاعبين الرئيسيين في النزاع السوري.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كانون الثاني/ديسمبر 2018 قراره سحب نحو ألفي جندي أمريكي، الأمر الذي فاجأ حلفاءه، فيما قالت فرنسا وبريطانيا أن المعركة ضد الجهاديين لم تنته.
وقالت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي إن “انسحاب القوات الأميركية من سوريا سيكون حتما في صلب المحادثات”.
وأضافت في بيان لوزارتها أنه “سيتعين على المجتمع الدولي عندما لا يعود لما يسمى بالخلافة أي أراضٍ، ضمان عدم عودة داعش إلى سوريا أو في مكان آخر”.
وتثير السيطرة على أراضي تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا القلق بشأن فرار المقاتلين المتمرسين والمسلحين الأجانب وتشكيلهم خلايا جديدة في سوريا أو أماكن أخرى.
“قوة مراقبين”
التحدي الآخر هو مستقبل المناطق الخاضعة حاليا لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن، عند انسحاب القوات الأمريكية.
وكان وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة باتريك شاناهان أعلن في وقت سابق خلال الأسبوع أنه ضمن التحالف “تجري محادثات لمعرفة كيفية ضمان الاستقرار والأمن وبأية إمكانات بعد انسحاب الولايات المتحدة ومن سيساهم في تلك الجهود”.
وتفكر واشنطن في انشاء “قوة مراقبين” تضم حلفاءها في منطقة عازلة في شمال شرق سوريا. والهدف مزدوج: تجنب هجوم يمكن ان يشنه الجيش التركي ضد المقاتلين الاكراد السوريين ومنع خلايا جهادية من التشكل في تلك المنطقة.
وتعتبر تركيا قوات سوريا الديموقراطية “مجموعة ارهابية”.
وأضاف شاناهان: “من الواضح ان التحالف مع امكاناته وقدراته، يشكل خيارا” ملخصا بذلك الموقف الأمريكي بأنه يمكن لحلفاء الولايات المتحدة أن يبقوا في المنطقة لتجنب تدهور الوضع بعد مغادرة الجنود الأمريكيين.
لكن هذه الفكرة تلقتها باريس بفتور. وتساهم فرنسا في عمليات التحالف بنحو 1200 عنصر من المدفعية والقوات الخاصة وتشن ضربات جوية وتقوم بتدريب الجيش العراقي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الأربعاء: “نحن اليوم نتساءل حول هذه المنطقة العازلة، من سيتولى مراقبتها ومن سيكون الضامن لها وما ستكون حدودها وأي ضمانات ستقدم لقوات سوريا الديموقراطية والأكراد”.
لكن في الكواليس، كان الموقف الفرنسي أكثر وضوحا حيث قال مصدر فرنسي: “من غير الوارد على الإطلاق نشر فرنسيين على الارض دون الأمريكيين”.
وتُواجه دول عدّة أبرزها فرنسا أيضا مشكلة مصير الجهاديين الأجانب الذين اعتقلتهم القوّات الكرديّة المتحالفة مع الغرب بعدما قاتلوا في صفوف التنظيم المتطرف.
وتراقب قرارات التحالف كل من روسيا وإيران وتركيا التي التقى رؤساؤها في سوتشي الخميس لمناقشة تداعيات خطة الانسحاب الأمريكي.
ورحبت روسيا وإيران -الداعمتان لنظام بشار الأسد- وتركيا الداعمة لفصائل متمردة بإعلان انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وتعهد رؤساؤها بـ”تعزيز تعاونهم” لوضع حد للنزاع في هذا البلد.
وفي ختام اجتماع التحالف ينطلق مؤتمر ميونيخ حول الأمن للعام 2019 (15-17 شباط/فبراير) وبين الذين سيلقون كلمات المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ونائب الرئيس الأمريكي مايك بنس ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
(أ ف ب)