مساندة من الجيش.. المستوطنون ينشرون الرعب في حقول الفلسطينيين

نهاية الأسبوع القاتل هذا بالنسبة للفلسطينيين مع أربعة قتلى من رفح حتى رام الله، انتهت أمس السبت بقتل مزارع في حقله في قرية المغير التي تقع وسط الضفة الغربية. كان الوقت بعد الظهيرة، حمدي نعسان ومعه عدد من سكان القرية كانوا يستعدون لإنهاء يوم عملهم في حقل الزيتون المعتنى به جيداً والذي يقع على سفح البؤرة الاستيطانية المتوحشة «عيدي عاد». مجموعة من الفلاحين كانوا يحرثون أرض الحقل التي بنوا فيها أيضاً سلاسل حجرية. أربعة أشخاص منهم شاهدوا عدداً من المستوطنين المسلحين الذين نزلوا نحوهم من «عيدي عاد» وبدأوا بمهاجمتهم بهدف طردهم من الأرض، هذه متعة يوم السبت بالنسبة لهم.
هذه هي العادة هنا في بلاد البؤر الاستيطانية ولا سيما في قرية المغير. في الأسبوع الماضي تواجدت في القرية ورأيت الجذوع النازفة والصامتة لـ 25 شجرة زيتون، التي عمرها 35 سنة، والتي قامت أيدي مقيتة بقطعها بالمناشير الكهربائية شجرة تلو الأخرى، خاصة الأشجار الكبيرة والقديمة منها. هذا حدث في يوم الجمعة الماضي قبل ثلاثة أيام من يوم عيد الشجرة (15 شباط حسب التقويم العبري).
الآثار قادت في حينه إلى بؤرة مافو شيلو التي سيطر سكانها على موقع الجيش الإسرائيلي شبه المتروك والذي يقع على قمة الجبل التي تطل على حقول المغير. في الأشهر الأخيرة انتظم السكان للقيام باحتجاج شعبي، الذي يسيرون خلاله كل يوم جمعة نحو أراضيهم مطالبين بطرد مافو شيلو من مكانها. مستوطنو البؤرة الاستيطانية يرعون في أراضيهم ويطردونهم بالقوة وبالتهديد، ويقومون بأعمال «تدفيع الثمن» في قريتهم ـ التي من خلالها قاموا بإتلاف عدد غير قليل من سيارات سكان القرية.
أمس جاءوا من عيدي عاد. قبل بضعة أيام قال لي سكان القرية الذين تعلموا بدرجة ما التعايش مع «عيدي عاد» إن مشكلتهم هي «مافو شيلو». في نهاية الأسبوع تبين لهم أن الاختيار كان بين الطاعون والجذام. في أحد الأسابيع المصيبة تأتي من الشرق من مافو شيلو، وفي أسبوع آخر تأتي من الشمال من عيدي عاد، بتناوب في جرائم الكراهية للبؤر الاستيطانية. في الأسبوع الماضي كان يجب رؤية ذعر السكان الذين سافروا معنا نحو أراضيهم، كلما اقتربنا من مافو شيلو كي نفهم أجواء الرعب والإرهاب التي يعيشون فيها.
بعد نزول المستوطنين إليهم ومهاجمتهم، طلب الفلاحون المساعدة من خلال الهاتف. كان العجز مطلقاً: الجيش يقف دائماً إلى جانب المستوطنين بالطبع، اتصل السكان بإدارة التنسيق والارتباط الفلسطينية، لكنهم بقوا عاجزين، قوات الجيش وصلت وبدأ إطلاق النيران الحية على الفلاحين، سواء من قبل المستوطنين أو الجنود. في القرية ينفون ادعاءات عيدي عاد التي تقول إن المستوطنين تمت مهاجمتهم من قبل الفلاحين. من يعرف الحياة في وادي شيلو يعرف إلى أي درجة من الصعب، بل من المستحيل، تصديق هذه الادعاءات. المستوطنون ينزلون إلى حقول ليست لهم من أجل طرد السكان من أراضيهم وبث الذعر، هذا هو القصد.
الفلاحون وأبناء القرية الذين سارعوا إلى تقديم المساعدة بدأوا بالهرب جنوباً نحو بيوت القرية. الجنود والمستوطنون يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع الذي غطى القرية. وبعد ذلك يطلقون النار. لقد أطلقوا عليهم النار أثناء هربهم. نعسان أصيب في ظهره. أمس لم يكن واضحاً بعد إذا كانت النار قد أطلقت عليه من قبل مستوطن أو من قبل جندي. الأمر استغرق ساعة إلى أن نجحوا في نقله إلى المستشفى في رام الله. هناك تقريباً 15 مواطناً أصيبوا، 9 منهم وصلوا إلى المستشفى في رام الله و3 منهم أجريت لهم عمليات.
المشهد في المغير رائع في هذا الفصل من السنة. سهل خصب تمت فلاحته بصورة مدهشة، أرض باللون البني، كروم زيتون متفتحة وحقول خضراء. وهنا تأتي صور موت نعسان: وجهه الميت وعيونه المغمضة، الثقب الصغير في ظهره قرب عموده الفقري. عند موته كان عمره 38 سنة، أب لأربعة أولاد. أحد أقارب عبد الحي النعسان، صاحب كرم الزيتون الذي قطعت الأشجار فيه، والذي ذهبنا معه في الأسبوع الماضي لإحصاء أضراره وألمه. هكذا سقط أمس الشهيد الأول في القرية منذ بدء نشاطات الاحتجاج الشعبي فيها. ويبدو أنه لن يكون الشهيد الأخير فيها.

جدعون ليفي
هآرتس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *