منظمة فكرية أمريكية بارزة تتخلى عن قبول الدعم المالي من الإمارات

أعلن مركز التقدم الأمريكي، وهو أحد أبرز المنظمات الفكرية الليبرالية في واشنطن، عن أنه لن يستمر في قبول الدعم المالي من دولة الإمارات بعد الآن، وفق تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، اليوم الجمعة.

وقال المركز إنه لا يتفق مع ما وصفها بـ”الحكومات المعادية للديمقراطية” في جميع أنحاء العالم، وبالتالي ينأى بنفسه عن الأنظمة الاستبدادية التي طورت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد دونالد ترامب علاقة وثيقة بها.

وقال متحدث باسم المنظمة، في تصريح لصحيفة “الغارديان”، إنه “مع تزايد المد غير الديمقراطي في جميع أنحاء العالم، والتساؤلات الجدية حول على أي جانب يقف رئيسنا من هذا النضال، بدا واضحا أن على جميع الأمريكيين اتخاذ خطوات إضافية، وألا يبدوا أدنى شك إزاء موقفهم”.

وأضاف قائلا إن “هذا التمويل لم يؤثر أبدًا على موقف أو سياسة المنظمة، ولكن الجميع يوافقون على أن هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله”.

ويأتي تحرك المنظمة الأمريكية وسط تدقيق علني متزايد حول العلاقة المالية بين الحكومات الاستبدادية والمؤسسات الفكرية المؤثرة في العاصمة الأمريكية. وقد تراوحت قيمة التمويل الإماراتي لهذه المنظمة ما بين 500 ألف دولار و مليون دولار- مما جعل أبوظبي تتربع بين أعلى المانحين. وقد أشرف على التمويل الإماراتي فريق السياسة الخارجية للمنظمة.

وتساءل تقرير حديث نشره موقع “إنترسبت” عن إلى أي مدى تصدى رد فعل المنظمة الفكرية الأمريكية لمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بالنظر إلى ارتباطها المالي بالإمارات- الحليف الإقليمي للمملكة العربية السعودية. فهي قد أدانت مقتل خاشقجي، ودعت إلى مساءلة السعودية.

وقد أكدت المنظمة الفكرية على أن قراراتها المتعلقة بالسياسات تتم بشكل مستقل عن الجهات المانحة، وعبرت عن إحباطها من التحالف الإماراتي السعودي كجزء من مبرراتها لقطع العلاقات.

ووفقًا للوثائق التي استعرضتها صحيفة “الغارديان”، فإن تحرك المنظمة الأمريكية لرفض التمويل الإماراتي بدأ في يونيو/ حزيران عام 2018- أي قبل اختفاء خاشقجي- وتم الانتهاء منه في ديسمبر/ أيلول.

وتأسست المنظمة في عام 2003 من قبل رئيس الموظفين في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، جون بوديستا، وقد ارتفع شأنها لتحتل مكانة بارزة خلال فترة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

وكان قد تم توجيه انتقادات لمنظمات ومراكز فكرية مهمة أخرى في واشنطن لتلقيها تمويلاً من الإمارات، ولوجود علاقات وثيقة تربطها بالسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، الذي اكتسب سمعة كشخصية مؤثرة في عاصمة البلاد.

وأصبحت الروابط المالية مع الإمارات مصدرًا للقلق على نحو متزايد بالنسبة للمؤسسات الفكرية الأمريكية الرائدة، والتي نجمت عن “الحملات الديكتاتورية” في الخليج ضد حقوق الإنسان، بالإضافة إلى شراكتها الوثيقة مع السعودية ودور الدولتين في حرب اليمن. وتسعى الإمارات بإنفاقها المتعمد في واشنطن، إلى خلق بيئة صديقة بينما تواصل تحقيق أهدافها الإستراتيجية.

وترى “الغارديان” أن مقتل خاشقجي كان بمثابة نقطة تحول، إذ دعا النقاد علماء الجامعات الأمريكية إلى تبني “تعهد ديمقراطي” برفض الأموال السعودية والإماراتية.

وتضيف الصحيفة أن العتيبة لعب دورا رئيسيا في دعم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والذي توصلت الاستخبارية الأمريكية أنه هو من أمر بإعدام خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في أكتوبر/ تشرين الأول.

كما كانت الإمارات لاعبا مهما في إستراتيجية إدارة ترامب في الشرق الأوسط، والتي تميزت بالدفع نحو المزيد من عزل إيران وتفكيك الاتفاق النووي. وتتابع أن الدور المركزي للجزء الذي لعبته الإمارات والسعودية في التأثير على سياسة ترامب الخارجية قوبل بمزيد من التدقيق بسبب العلاقات التجارية والخاصة بين زعماء خليجيين وأولئك في الدائرة الداخلية للرئيس، بما في ذلك ابن الرئيس ترامب جونيور، وصهره ومستشاره الأول جاريد كوشنر.

وتختم الصحيفة بالقول إنه ومن خلال بناء نفوذها في واشنطن، تمكنت الإمارات من حماية نفسها من التدقيق في دعمها للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن والتي خلفت أزمة إنسانية يعتقد الخبراء أنها ستترك نحو 14 مليون شخص على حافة الموت جوعا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *