غليان داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد فشل الحوار في معتقل عوفر والأسرى يلوحون بالتصعيد

يبحث الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، الشروع في عملية إضراب مفتوح عن الطعام، وإعلان “ثورة” داخل السجون، بسبب استمرار سلطات الاحتلال في تعنتها وفرضها المزيد من العقوبات ضدهم، خاصة في “معتقل عوفر” الذي تعرض الأسرى فيه قبل أيام لهجوم عنيف، أسفر عن إصابة 150 أسيرا، خاصة بعد فشل جلسة الحوار التي عقدها ممثلو الأسرى في ذلك السجن، مع إدارة المعتقل.

وبحسب متابعون لتطورات الأوضاع داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية، فإن عملية “التغول” الأخيرة ضد أسرى “سجن عوفر”، والتي شهدت الاعتداء الكبير ضد الأسرى، باستخدام الهراوات وقنابل الغاز والرصاص المعدني والكلاب البوليسية، والتي أسفرت عن إصابة أكثر من 150 أسيرا، وما تلاها من فشل الحوار الذي عقد بين ممثلي الأسرى وإدارة السجون، سيدفع الأسرى إلى توسيع دائرة الخطوات الاحتجاجية، من خلال اللجوء إلى الإضرابات عن الطعام.

ولم يستبعد عبد الناصر فروانة المختص في شؤون الأسرى، خلال حديث مع “القدس العربي”، أن يتم توسيع رقعة الإضرابات عن الطعام، والتي بدأت في اليوم الأول للهجوم ضد الأسرى، من خلال مشاركة مئات الأسرى في هذا الاحتجاج، الذي سيكون ضمن فعاليات نضالية أخرى يقودها الأسرى، لاسترجاع حقوقهم، التي تحاول إدارة السجون نزعها بالقوة.

وأكد فروانة أن ما يحدث في سجون الاحتلال، “أمر خطير للغاية” لا ينبغي تمريره، دون موقف جماعي داخل السجون وخارجها، يقوم على أساس توسيع رقعة الاحتجاجات المنددة لأفعال الاحتلال، الذي يعمل من أجل “تجريم نضال الأسرى”.

وأشار فروانة إلى أن المخطط الإسرائيلي هذا بدأ منذ ثلاث سنوات، ويهدف إلى سلب كل انجازات الأسرى، التي تحققت على مدار السنوات الماضية، من خلال “المساس بمكانتهم”، من خلال عدة خطوات إسرائيلية مخطط لها، من أبرزها منع التنظيمات داخل السجون، مشددا في الوقت ذاته على أن مواجهة الخطوات الإسرائيلية هذه التي توقع أن تستمر حتى ما بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية، يتطلب توحيد جبهة الأسرى، والتوحد في الخارج، خلف مطالب المعتقلين.

وحذر في الوقت ذاته من انتقال ما جرى في “سجن عوفر”، إلى سجون أخرى مثل “النقب و مجدو ونفحة وريمون وهداريم” إن لم يكن هناك رد فلسطيني على ما جرى خلال الأيام الماضية، مشددا على ضرورة إعادة النظر في الأدوات المستخدمة لإنصاف قضية الأسرى ودعمهم.

وفي السياق، كان نادي الأسير أعلن أن جلسة الحوار التي عقدت بين الأسرى وإدارة معتقل “عوفر” انتهت بالفشل، وأوضح أن إدارة المعتقل أعلنت عن نيتها “فرض سلسلة من العقوبات على الأسرى”، وتتمثل بعقد محاكمات للأسرى في الغرف التي تم حرقها في أقسام (15) و(11)، وفرض عقوبة بالسجن الفعلي عليهم لمدة أربع سنوات، وغرامة مالية كبيرة، إضافة إلى حرمان الأسرى من الزيارة و”الكنتينا” لمدة شهرين.

وأوضح نادي الأسير، أنه على ضوء ذلك رفض الأسرى كل ما أملته إدارة المعتقل، وأكدوا أنهم مستمرون في الإضراب المتمثل بإرجاع وجبات الطعام، والذي بدأ فعلياً منذ ثلاثة أيام، وأعلنوا أنهم بصدد اتخاذ “خطوات نضالية أخرى”، طالما استمرت الإدارة على موقفها.

واعتبر الأسرى أن الحوار الذي تم “لا يرتقي لمستوى الدماء التي سالت، وحجم الاعتداءات التي نُفذت بحقهم”، خاصة أن الحوار فرض انطباعاً أن الجهات التي أدارت الحوار من إدارة المعتقلات “لا تملك صلاحيات بالقرار”، وأن خطوات الأسرى ستتواصل حتى يتم إدارة الحوار مع جهات تمتلك الصلاحيات.

من جهته قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر، إن إسرائيل “دولة عصابات حقيقية”، واتهمها بـ “ممارسة الجريمة المنظمة”، مؤكدا أن إسرائيل “تجاوزت كل الخطوط الحمراء” بعد أحداث “سجن عوفر”، وقال “ما جرى يدق ناقوس الخطر، لأن الهجمة كانت منظمة ومخطط لها مسبقا”.

وحذرت هيئة شؤون الأسرى من تفاقم معاناة الأسرى المرضى والجرحى، في ظل استمرار الانتهاكات الصحية التي تمارسها إدارات السجون بحقهم، والتي تستخدمها كنوع من العقاب.

ولا زال أسرى عوفر، مستمرين في إرجاء وجبات الطعام، رفضا لما تعرضوا له قبل ثلاثة أيام، حين اقتحمت عدة وحدات إسرائيلية خاصة غرف اعتقالهم، واعتدت عليهم بشكل وحشي.

وخلال اليومين الماضيين انضم عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون أخرى للإضراب عن الطعام، تضامنا مع أسرى عوفر، في ظل التوقعات بزيادة رقعة هذه الاحتجاجات، في حال استمر الموقف الإسرائيلي، والذي يمهد لخطوات أخرى، تهدف من خلالها حكومة تل أبيب، إلى فرض المزيد من الإجراءات ضد المعتقلين، بناء على توصيات لجنة خاصة شكلتها وزارة الأمن الداخلي في وقت سابق، وأصدرت الشهر الجاري توصياتها.

وأوصت تلك اللجنة بتقليص ظروف سجن الأسرى إلى الحد الأدنى، من خلال تقليص عدد الزيارات العائلية، وإلغاء الفصل بين سجناء أسرى الفصائل المختلفة، كما أوصت منع الأسرى من شراء العديد من الأطعمة، وغيرها من الإجراءات العقابية.

وأعلنت الرئاسة الفلسطينية، أن الرئيس محمود عباس “يتابع بقلق بالغ” الاعتداءات التي يتعرض لها الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في معتقل “عوفر”، وأنه يجري اتصالات عاجلة مع عدة أطراف إقليمية ودولية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، مؤكدة أن الرئيس وجه كافة المسؤولين لإجراء الاتصالات العاجلة مع مختلف الجهات العربية والإقليمية ذات العلاقة لتوفير الحماية للأسرى من هذه الجرائم.

وأدان الرئيس بشدة التصعيد الإسرائيلي الخطير، محملا الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن الاعتداءات التي يتعرضون لها، والتي كان آخرها في “معتقل عوفر”، وطالب المنظمات والهيئات الحقوقية الدولية والمجتمع الدولي بأسره بـ “التدخل الفوري” لوقف اعتداء قوات الاحتلال، محذرا من خطورة استمرار هذا التصعيد الذي من شأنه دفع الأوضاع إلى “مزيد من التوتر”.

من جهتها دعت حركة فتح، لأوسع مشاركة في المظاهرات والمسيرات المنددة بالاعتداء والعدوان على الأسرى، وقال الناطق باسم الحركة أسامة القواسمي، في تصريح صحفي “الاعتداء الآثم على أبطالنا أسرانا البواسل خلف قضبان الاحتلال الاسرائيلية، هي أعلى درجات الارهاب المنظم، وهو ترجمة لعقلية الحقد والكراهية ضد الانسانية”.

وتعتقل سلطات الاحتلال أكثر من 6500 أسير فلسطيني، بينهم نساء وأطفال وكبار في السن ومرضى، وجميعهم يشتكون من معاملتهم بشكل سيء، ويؤكدون تعرضهم للتعذيب والضرب، ومنهم من هم محرومون من زيارة الأهل، كما تتعمد سلطات السجون الزج بعدد منهم في العزل الانفرادي، ويشتكي هؤلاء جميعا من سوء الطعام المقدم لهم، ومن حرمانهم من التعليم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *