مجموعة دول الساحل تطلق عملياتها العسكرية ضد “الإرهاب” الشهر المقبل

أعلنت مجموعة دول الساحل الخمس عن قرار بإطلاق عملياتها العسكرية المضادة للمجموعات الجهادية والإرهابية المسلحة الناشطة في الشريط الساحلي الصحراوي خلال شهر شباط/ فبراير المقبل.

وأكد مامان سامبو سيديكو الأمين الدائم للمجموعة التي تضم موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو والتشاد، “أنه أطلع رئيس النيجر محمد إسوفو خلال جلسة عمل عقدت في انيامي بحضور الجنرال حننه ولد سيدي قائد القوة المشتركة لدول الساحل، على تفاصيل البرنامج العسكري الذي ستبدأ القوة المشتركة تنفيذه ميدانيا لأول مرة ضمن خطة عسكرية موسعة، لتأمين سكان المنطقة ضد الهجمات الإرهابية التي ازدادت خلال الأشهر الأخيرة”.

وأعاد مامان سامبو سيديكو للأذهان النجاح الذي حققته المجموعة خلال اجتماعها الذي عقد مؤخرا في نواكشوط، والذي مكنها من الحصول على تعهدات دولية بتمويلات تصل إلى 2.4 مليار أورو مخصصة لأربعين مشروعا تنمويا في مجالات حية بينها التعليم والمياه والطرق”.

وأكد الجنرال حننه ولد سيدي قائد القوة المشتركة لدول الساحل، خلال الجلسة “أنه جاء إلى انيامي لإطلاع رئيس النيجر على تفاصيل القرار المتعلق بإطلاق العمليات العسكرية للقوة المشتركة”، مشيرا إلى “أن التحضيرات أصبحت كاملة لبدء العمليات رغم التأخر المسجل في مجال توريد بعض التجهيزات العسكرية”.

وأكدت الأمانة الدائمة لمجموعة الساحل “أن قادة المجموعة سيعقدون قمة خلال شهر شباط/فبراير المقبل في وغادوغو عاصمة بوركينافاسو مخصص بالأساس لإقرار الخطط العسكرية التي ستنفذها القوة المشتركة خلال المرحلة المقبلة والتي تتميز بدخول هذه القوة لأول مرة في مواجهة المجموعات المسلحة الناشطة في شريط يمتد من ليبيا إلى مالي”.

وضاعفت المجموعات الجهادية المسلحة مؤخرا من عملياتها في مالي بعد أن فرقها التدخل العسكري الفرنسي عام 2013، حيث يلاحظ ازدياد نشاط هذه المجموعات حاليا وسط وشمال مالي، رغم حضور قوات حفظ السلام الأممية التي يبلغ تعداد عناصرها 12 ألف جندي، ورغم وجود أربعة آلاف جندي فرنسي ضمن قوة برخان الفرنسية.

ووسعت المجموعات المسلحة من نشاطاتها خلال عام 2018 في وسط وجنوب مالي، وعلى حدود مالي مع النيجر وبوركينافاسو التي عانت مؤخرا من عمليات الجهاديين المسلحين.

وتتوفر قوة مجموعة الساحل العسكرية المشتركة على مقر عام ببلدة سافاري بمالي، وقد نفذت حتى الآن ثلاث عمليات في مالي والنيجر وبوركينافاسو بتنسيق مع القوة العسكرية الفرنسية.

وتعتبر هذه القوة المشتركة التي تتشكل من خمسة آلاف رجل والتي يوجد مقرها في مالي، آخر رصاصة في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة التي فشلت القوات الأممية والقوات الفرنسية في القضاء النهائي عليها.

وقد اكتمل تشكيل الألوية السبعة المؤسسة لهذه القوة التي يقودها الجنرال الموريتاني حننه ولد سيدي، كما شكلت وحداتها المؤلفة خمسة آلاف جندي وضابط.

ويطرح عائق كبير أمام هذه القوة يتعلق بالمدة التي سيستغرقها انتداب هذه القوة: فهل مدة الانتداب ستكون أشهرا أم سنوات أم ماذا؟

ويرتبط الجواب على هذا السؤال الهام بمسألة التمويل التي سيتحدد على أساسها مستقبل هذه القوة الهامة.

ويأتي تشكيل هذه القوة بعد تجارب فاشلة في هذا المجال، بينها لجنة قيادة الأركان العملياتية التي شكلت في تمانراست بالجزائر عام 2010 تحت قيادة الجزائر وبعضوية موريتانيا والنيجر ومالي والتي لم يعد يوجد منها اليوم سوى الاسم.

وتنصح جهات دولية عديدة مهتمة بأمن الساحل قادة مجموعة دول الساحل الخمس باستخلاص الدروس من إخفاق التجارب الإقليمية العسكرية الماضية.

وتسعى مجموعة دول الساحل الخمس لتوظيف هذه المنظمة المشتركة في تنسيق سياسات التنمية والأمن في المجال الجغرافي للدول الأعضاء بحيث تتحكم المجموعة في محركات التنمية وتسيطر بآليات أمنية وعسكرية على الإرهاب والعنف الذي يهدد شبه المنطقة.

ويسعى رؤساء البلدان الساحلية الخمس لجعل هذه المنظمة إطارا مؤسسيا لتنسيق ومتابعة التعاون الإقليمي، ولتجسيد الرغبة المشتركة في مواجهة جماعية لمشاكل المنطقة ذات التجانس والتماثل الكبير.

ويظل الأمر المؤكد في كل هذا هو أن الجانب العسكري وحده لا يكفي للقضاء على الإرهاب المعشش منذ عقود في منطقة الساحل، وهو ما يؤكده فشل عملية برخان الفرنسية التي حلت في الأول من أغسطس/ يوليو 2014 محل عملية «سرفال» التي أطلقت بداية عام 2013 في مالي، وكذا فشل قوة «منوسما» الأممية؛ فالشمال المالي لم يعرف الهدوء بعد فالأوضاع على حالها أو أشد.

وهناك أمر آخر يستدعي القلق على تجربة مجموعة دول الساحل هو غياب الجزائر التي لها دورها الكبير في العمليات العسكرية المضادة للإرهاب في الشريط الساحلي الصحراوي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *