أمريكا تسقط فنزويلا اليسارية وروسيا تسارع الى تحصين حدودها، ولم يبق في هذا العالم إلا ايران … بقلم ناجي أمهز

أمريكا تسقط فنزويلا اليسارية وروسيا تسارع الى تحصين حدودها، ولم يبق في هذا العالم إلا ايران
بقلم ناجي امهز

مقدمة: انا أعتذر عن التأخر بالكتابة خاصة في ظل تسارع الأوضاع من الاعتداء الصهيوني الجوي المكثف على سوريا مرورا بالانقلاب الذي حدث في فنزويلا، وأنا أكتب هذه المقدمة من باب التوضيح لشريحة كبيرة جدا تتابع ما أكتب، لأنني كما أعلنت أكثر من مرة لقد بدأ الملل يتسرب إلى روحي بسبب ما اشاهده من تصرفات الساسة وخطاباتهم وطريقة تعاطي الشعوب العربية مع الأحداث بطريقة تدعو إلى اليأس وتدل على أنهم لم ولن يتعلموا او يتغيروا، وبما اني أغلقت صفحتي على الفيس بوك بسبب كثافة الرسائل التي كنت عاجزا من الرد عليها، وكي لا يقال اني لا أجيب عليها، لأني مثل بقية الشعوب العربية علي ان اعمل يوميا 12 ساعة لتأمين قوت عائلتي ولا أملك المال لاطلب من أحد ان يساعدني بالرد على الرسائل، كما ان المحور الذي أدافع عن توجهه المحق، ربما بسبب انشغالاته وكثرة صراعاته لم ينتبه إلى هذه الحاجة مع العلم وكما تعلمون بأن مقالاتي تحقق الملايين من المشاهدات.

أولا لاختصر لكم عشرات المعاجم وآلاف الدراسات والبحوث اريدكم ان تحفظوا هذه المعادلة وهي ستكون بوصلة معرفتكم في مجريات الأحداث .
1 – أمريكا تعترف بدولة إسرائيل وهي لن تقبل بأن يهاجم أحد إسرائيل بل ستدافع عن الكيان الإسرائيلي بكل قوتها، لذلك كل حليف لأمريكا هو خاضع لهذه الشروط الواضحة والتي تعتبر أساسا لقبول التحالف ، بأنه ممنوع عليه ان يشكل بحركته السياسية والعسكرية وحتى الاقتصادية اي تهديد او ان يحرض على الكيان الإسرائيلي، وهذا الأمر يعني بان كل حليف لأمريكا هو حليف لإسرائيل، لذلك يمكن القول بأن كافة حلفاء أمريكا من العرب هم حلفاء لإسرائيل والا كانت أمريكا فكت تحالفها معهم وأسقطت عروشهم.
2 – روسيا أيضا لا تقبل ولا تسمح ولا تستطيع ان تقول بأنها توافق على قصف او مهاجمة الكيان الإسرائيلي لأن الاتحاد السوفياتي هو اول دولة تعترف بدولة إسرائيل بل أنه سبق أمريكا بالاعتراف بدولة اسرائيل، كما ان روسيا الاتحادية تعتبر دولة إسرائيل هي امتداد طبيعي لنفوذها العالمي بسبب تواجد أكثر من أربعين بالمائة من يهود روسيا يحملون الجنسية الإسرائيلية وهم في مراكز عسكرية ودبلوماسية واقتصادية حساسة ومتقدمة جدا أن كان في روسيا او ان كان في دولة الكيان الغاصب، لذلك لا يمكن ان نعول على الموقف الروسي فيما يتعلق بالصراع مع الكيان الإسرائيلي، والأمر مرتبط بأن روسيا تبحث عن توازن يحفظ مصالحها الاستراتيجية بالمنطقة فهي بمكان ما ملتزمة بخوض حروب ضد أي خروج عربي على أي اتفاق إقليمي ودولي بينما لا يمكنها ان تكون طرف في اي نزاع يتعلق بالكيان الإسرائيلي لذلك هي تلتزم هذا الحياد فيما تقوم به إسرائيل من اعتداءات على سوريا او غيرها بالاقليم مع الدعوة الدائمة إلى ضبط النفس وعدم القصف العشوائي، وما تطالب به روسيا حتى هذا اليوم هو تطبيق القررات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن وقد وافقت عليها من قبل واشنطن وقارة أوروبا، لذلك الخلاصة تقول أن روسيا هي دولة تدعم محور الممانعة بناء على القوانين الدولية وتماشيا مع مصالحها السياسية والاقتصادية إنما لا يمكن لروسيا مهما تغيرت الأحوال السياسية وتبدلت الجغرافيا بأن نشاهدها تقف بوجه الكيان الإسرائيلي او ان تقوم بتهديده بحال تمادى بحروبه واعتداءاته على العرب.
3 – وهذا الملخص ينطبق بتفاصيله على أوروبا وبريطانيا مع إضافة انهم يعتبرون جزء لا يتجزأ من ثقافة الكيان الغاصب في بعده الأدبي، بينما أمريكا تعتبر امتداد عسكري اقتصادي للكيان الإسرائيلي .
4 – إذا كل من بقي في الاقليم يعلن مواجهة الاستكبار ويعمل على إسقاط الكيان الإسرائيلي هو الجمهورية الاسلامية في ايران ومن تدعمهم من دول وشعوب وحركات مقاومة.
كما ان ايران هي الدولة الوحيدة التي وضعت كل إمكانياتها الاقتصادية والعسكرية والثقافية والسياسية والشعبية لخدمة القضية الفلسطينية والأمة الاسلامية، لذلك هي تتعرض لهجوم شرس وحصار جائر واعتداء سافر من قبل أمريكا وعملائها العرب، كما انها تدفع الكثير في سبيل الحفاظ على الحد الأدنى من التحالفات الدولية مثل التحالف مع روسيا والصين وغيرهم من الدول.
ولو لم تمتلك إيران أخطر الأسلحة الكونية لكان تم الهجوم عليها منذ زمن بعيد ولكن الجمهورية تمتلك أرفع وأقوى الأسلحة وافعلها وهي الحكمة السياسية ومهاراتها الدبلوماسية بإدارة الأزمات.
لذلك الخلاصة تقول بأنه كل من يعادي إيران هو حليف أمريكا الذي بدوره هو حليف إسرائيل واقله يمكن القول عنه بأنه ليس لديه مشكلة مع الكيان الإسرائيلي.

بعد قراءة هذا المشهد الصغير نفهم ماذا تغير بالعالم وأسباب الانقلاب في فنزويلا وقبلها كان نهاية الصراع بين أمريكا وكوبا عندما تم اللقاء الشهير بين الرئيس الامريكي أوباما ورئيس كوبا كاسترو وهو شقيق فيدل كاسترو الرئيس السابق لكوبا في عام 2015.
ومع هذا اللقاء كان إعلان نهاية حقبة صراع دامت ل 60 عاما تقريبا بين أكثر من بقعة جغرافية تحيط بأمريكا وكان الاتحاد السوفياتي، يعتبر هذه الدول ومنها كوبا وفنزويلا امتداد طبيعي لنفوذه السياسي والعسكري بالعالم أبان القطبين، ولكن مع سقوط الاتحاد السوفياتي أدركت هذه الدول ان دورها بدأ بالتراجع أولا بسبب انهيار الاتحاد السوفياتي.
وثانيا بسبب الانكماش الاقتصادي وغياب أي دعم مادى او لوجيستي من قبل روسيا التي كانت منهمكة بترتيب بيتها الداخلي، مما سمح للإدارة الأمريكية باختراق هذه الدول والتمدد بها والتوسع بين مكونات طبقاتها والانتشار بين مجتمعاتها.
وبعد ان أدركت كوبا بأنه لم يعد بالإمكان الاستمرار بالصراع بظل غياب تام لموازين القوى وتخلي واضح من روسيا تم التوجه إلى اعلان نهاية المواجهة مع امريكا، وقد استشعرت فنزويلا هذا التغير بعد حصول أكثر من حركة اعتراضية ممولة امريكيا على الحركة الثورية بفنزويلا، ولكن ثوابت الثورة استطاعت أن تتجاوز هذه الخضات والذي كان هدف الإدارة الامريكية منها هو زعزعة نظام الثورة لا إسقاطه، لأن أمريكا تريد انتقال أمن للسلطة بفنزويلا ولا تريد ربيع يشبه الربيع العربي بدائرة محيطها، لا يمكن التكهن بتداعياته.
وبعد ان تأكدت أمريكا ان روسيا خرجت تماما من فنزويلا حيث غاب اسم فنزويلا عن الإعلام الروسي بالمطلق مما جعل الجميع يفهم ان روسيا لن تتدخل في اي أزمة تتعلق بفنزويلا طالبت أمريكا من حلفائها في فنزويلا التحرك وإعلان الانقلاب مع أعلام عدة دول مسبقا بأنه يجب الاعتراف بالقيادة الاستقلالية الجديدة وهذا ما حصل.

لا اعتقد بان الإدارة بفنزويلا قادرة تجاوز هذا الانقلاب، كما يبدو هذا العام هو عام المواجهة بين محور المقاومة وإسرائيل واعدكم ان شاء الله بمقال يتعلق بهذا الخصوص ولكن اليوم نتكلم عن نهاية آخر معقل يساري كان له دور فاعل في دعم القضية الفلسطينية.

وبهذا الأسلوب التي استخدمته أمريكا مع فنزويلا الداعمة للقضية الفلسطينية، هي أيضا تستخدمه مع كل دولة تدعم فلسطين.

يفهم من هذا المشهد بأن روسيا انسحبت عسكريا وثقافيا من هذه الدول التي كانت تشكل ميزان قوى مع امريكا وهي اليوم تعمل على ترسيم حدودها السياسية في الإقليم معلنة انسحابها من العالم الذي ترك لقمة سائغة للإدارة الأمريكية وكنت قبل عامين تقريبا، كتبت عن هذا المتغير بمقال تحت عنوان عام السلام في كوريا تطرقت به إلى ما يجري بالعالم.

ومن وجهة نظري الوضع في الشرق الأوسط شبيه برجل يعاني من سعال حاد فوصف له الطبيب دواء يسهل المعدة فأصبح الرجل غير قادر على السعال ولا قادر على التحرك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *