نواب وإعلاميون موالون للسيسي يشنون هجوما جديداً على شيخ الأزهر

معركة جديدة تصاعدت وتيرتها بين مؤسسة الأزهر وأعضاء في البرلمان المصري، اتخذت من قانون الأحوال الشخصية الذي يناقشه مجلس النواب عنوانا لها.
فخروج شيخ الأزهر أحمد الطيب، وإعلانه التصدي لقانون الأحوال الشخصية الذي يناقشه البرلمان الذي يتناول تشريعات الزواج والطلاق والحضانة والميراث وغيرها من الأمور المتعلقة بالأسرة، فتح الباب لإعلاميين وبرلمانيين محسوبين على نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لشن حملة ضد شيخ الأزهر، وصلت حد الحديث عن الاستغناء عن دور الأزهر تماما، وتقديم إنذار قانوني للطيب بشأن القانون.
وكان الطيب قال إن «اتهام البعض للأزهر بالتحيز للمرأة ضد الرجل، يعد شهادة بأن الأزهر يقف إلى جانب الضعيف».
وأضاف خلال برنامجه الأسبوعي على الفضائية المصرية، أن «الأزهر حين يبدأ تصحيح الوضع بالوقوف إلى جانب المرأة لتكتمل حقوقها، فهو ينطلق من الخطوة الصحيحة، لأننا مهما عدلنا وأضفنا إلى قانون الأسرة دون أن يكون هذا العوار في التعامل مع المرأة تحت نظرنا، فلن تكون هناك ثمرة جدية لهذه المشروعات».
وبين أن» الأزهر يؤدي واجيه، حين يتصدى لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، ولن يفرط في رسالته قيد أنملة فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية والقرآن الكريم وسنة النبي».
وشدد على أن «الأزهر حين يتصدى لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية فهو يزاول عمله وواجبه بحكم الدستور والقانون، وحتى بحكم قبول الناس».
وأكد أن «الأزهر لن يفرط في رسالته قيد أنملة، فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية، وفيما يتعلق بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله علية وسلم»، قائلا «نحن حراس على هذه الأمانات».
وأشار إلى أن «الأزهر الشريف مشغول الآن بإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، وهو ليس جهة تشريع، ولا دخل له بالتشريعات، لكن حين يتعلق الأمر بقوانين مصدرها الشريعة الإسلامية فلا يترك الأمر لغير العلماء».
وشدد على أن «الشريعة الإسلامية تعد المنبر الوحيد الذي يمكن أن تنطلق منه هذه الأحكام، وهنا مطلوب من العلماء أن يضعوا هذا المشروع، ولا مانع من مناقشته، لكن أن يقال: أيها الأزهر لا تكتب شيئا في قانون الأحوال الشخصية، فهذا عبث».

أزمة مفتعلة

النائب محمد فؤاد، مقدم مشروع قانون الأحوال الشخصية، علق على حديث شيخ الأزهر قائلًا: «حديث الإمام عن أن الأزهر حارس الشريعة، وبأن مطالبته بعدم التدخل في القانون عبث، يُصدر للرأي العام عن وجود إشكالية في سماع رأي الأزهر في هذا القانون، وهذا غير حقيقي».
وتابع، في تصريحات متلفزة، أن «الأزهر امتنع عن إبداء رأيه بمشروعات قوانين الأحوال الشخصية، ويعمل على إعداد تشريع قانون بالمخالفة للدستور»، مضيفاً: «نحن في أزمة مفتعلة، ولم نتعد على دور الأزهر».
وأشار إلى أن «الأزهر الشريف طوال تاريخه لم يصدر أي مشروع قانون، وما يحدث شيء غريب تمامًا»، وزاد أن «قانون الأحوال الشخصية مدني و90٪ من مواده لا تتعلق بالدين».
ولفت إلى أن «الأزهر الشريف بدلامن قيامه بدوره الاستشاري في القانون، يقوم بدور سياسي»، متابعًا: «لنسمي الأمور بمسمياتها».
وأضاف أن «حديث شيخ الأزهر صور أن أي مشروع قانون للإحوال الشخصية، خلاف ما تقدم به الأزهر، مشيطن»، متابعًا: « كلام الإمام يخيفني كمشرع».
وطالب بـ«إصدار بيان يطالب فيه بالحديث على عدم وجود مشكلة بين الأزهر والبرلمان، حتى لا يكون البرلمان فريسة الأبواق الإعلامية المعادية للوطن».
النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي في البرلمان، وصاحب مشروع قانون تنظيم الأزهر، علق على إصدار الأزهر قانون للأحوال الشخصية، قائلاً: «مع كامل الاحترام والتقدير للأزهر، ولكن ليس دوره تقديم القوانين، ودوره يستطلع الرأي في الأمور الدينية بنص الدستور».
وأضاف في تصريحات متلفزة أن «شيخ الأزهر صرح من قبل أثناء مناقشة قضية الطلاق الشفهي بأن الأزهر ليس جهة لتشريع القوانين».

على خلفية تصريحاته حول قانون الأحوال الشخصية… وإنذار رسمي يتهمه بتعطيل القانون

وأوضح أن «دور الأزهر استطلاع الآراء فقط فيما يخص الأمور الدينية»، متسائلًا: مجلس النواب قدم 5 مشروعات قوانين تخص الأحوال الشخصية، وطلب رأي الأزهر فيها ولم يجب».
الإعلامي محمد الباز مقدم برنامج «90 دقيقة» الذي يذاع على شاشة «المحور»، وجه رسالة لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، تعليًقا على الخلاف الدائر بين مجلس النواب ومؤسسة الأزهر حول قانون الأحوال الشخصية.
وقال : «نطلب منك يا فضيلة الإمام أن تكون إضافة للوطن وليس خصمُا منه، يا إمام مواقفك السابقة تقول إنك تفتعل معارك مع الدولة ليست موجودة على الأرض، توضح هذه المعارك أن الدولة بمؤسساتها وبرئيسها يحاربون الإسلام في مصر وأنت من تقف حارسًا للذود عنه، وأنت تعلم أن هذا ليس صحيحًا».
وأضاف: «خصوم الدولة في الخارج يستغلون تلك المواقف لتشوية الدولة المصرية والنيل منها».
وتابع «الناس تطلب رأيك في قانون الأحوال الشخصية وهو دورك الذي حدده لك الدستور، لا أحد يريد أكثر من ذلك».
وطالب الباز، شيخ الأزهر، بإصدار بيان ينفي فيه وجود خلاف بين مؤسسة الأزهر والدولة المصرية، كما تنفي ما يتردد عن محاولات الدولة لإقصاء الأزهر عن إبداء رأيه.
واختتم الباز: «يمكن أن تعيش مصر بدون الأزهر ولكن لا أزهر بدون هذه الأمة».

«مخالفة اختصاصاته الدستورية»

لم يقف الأمر عند الهجوم الإعلامي، حيث قام المحامي كريم الخطيب، بتوجيه إنذار رسمي إلى شيخ الأزهر، حمل رقم 609، اتهمه فيه بمخالفة اختصاصاته الدستورية وتسببه في تأجيل مناقشات مشروع قانون الأحوال الشخصية في البرلمان.
وقال الخطيب في إنذاره، إن «المادة الثانية من الدستور نصت على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، فيما أكدت المادة السابعة أن الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم».
وأشار إلى أن «المادة 101 من الدستور، تنص على تولي مجلس النواب سلطة التشريع، وتنص المادة 122 من الدستور على من لهم حق اقتراح القوانين، وهو رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وأعضاء مجلس النواب».
وأضاف: «لما كان ذلك فقد قام رئيس اللجنة التشريعية في مجلس النواب منذ أكثر من 10 أشهر بإحالة مشروعي قانون للأحوال الشخصية الموحد، إلى الأزهر قبل إصداره، لإبداء الرأي فيهما وبحثهما من الناحية الشرعية وإيداع تقريره فيهما إلى البرلمان».
وتابع: «شيخ الأزهر وعلى الرغم من استلامه مشروعات القوانين، امتنع عن الرد الملزم به أمام الدستور، وبدلا من أن يودع تقرير الأزهر الشريف في شأن مشروع قانون الأسرة، سعى ليحقق هدفا ارتضاه لنفسه، فخرج على جموع الشعب المصري وقرر وبغير حق إعداد مشروع لقانون الأسرة من لدنه مفتئتا على إرادة الشعب المصري، في صورة من صور العدوان الصريح على الدستور وعلى الأنظمة التشريعية المصرية التي أعطت الحق والاختصاص لطرح مشاريع القوانين والتشريع لمجلس النواب ورئيس الجمهورية ومجلس الوزراء فقط لا غير، محاولة منه لتقلد الأدوار التشريعية والسياسية التي لم يبيحها له الدستور».
وحسب الإنذار «كان مقدرا لقانون الأسرة الموحد أن يولد قبل عشرة أشهر إلا أن امتناع شيخ الأزهر عن إيداع تقريره في مشروع ذلك القانون وتعلله بأنه في سبيل إعداد مشروع قانون أسرة موحد جديد بدلا من الذي تم إحالته إليه، يوحي أنه يتعامل مع هذه القوانين وكأنها معادية للإسلام، ويتراءى له أن جميع مواد هذه المشروعات تخالف الشريعة الإسلامية، فتعين عليه أن يعد قانونه الخاص والذي إذا فُرض وجاء متفقا وصحيح الدين إلا أنه من المؤكد سوف يكون مخالفا من ناحية الإجراءات القانونية ومتعارضا مع دستور الدولة التي وضعته في هذه الوظيفة ليسير على الناس أمرهم لا ليعرقل مصالح الناس».
وأهاب الخطيب بالأزهر على رأسه الإمام الطيب، أن «يسارع في إيداع تقريره بالرأي في مشروعي قانون الأحوال الشخصية اللذين أحيلا إليه من البرلمان، اجتنابا لتعطيل مصالح الشعب وذلك خلال 15 يوما من تاريخ استلام هذا الإنذار». كما طالبه بسحب فكرة مشروع الأحوال الشخصية المزمع تقديمه من طرف شيخ الأزهر، وإلا سيضطر (الخطيب) لاتخاذ كافة الإجراءات القانونية.
وبدأت أزمة قانون الأحوال الشخصية بتقديم محمد فؤاد، عضو مجلس النواب عن حزب «الوفد»، مشروع قانون في جلسة 27 أبريل/ نيسان 2016، لتنظيم الأحوال الشخصية، وتمت إحالته إلى اللجنتين التشريعية والدستورية، والتضامن والأسرة ولم يخرج للنور وقتها.
وفي أواخر عام 2017، أعلن شيخ الأزهر، إعداد مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية، لتقديمه إلى مجلس النواب.
وفي 29 يوليو/ تموز 2018، فتح الرئيس عبد الفتاح السيسي الموضوع خلال مؤتمر الشباب الذي انعقد في جامعة القاهرة ليلقي حجرًا في المياه الراكدة بقوله: «المجتمع فيه الكثير من القضايا الخطيرة، منها وصول نسب الطلاق إلى 44٪، وهذا يعني أن 100 حالة زواج يحدث فيها تقريبًا 50٪ طلاق، إذا كان في 9 ملايين طفل دون أب وأم بشكل مباشر، يوجد 15 مليون طفل بدون أب وأم بشكل غير مباشر، عن طريق انفصال خفي دون طلاق، وحينما تحدثت عن ضرورة عمل تشريع لتوثيق الطلاق هُوجمت».
وفي 12 سبتمبر/ أيلول الماضي، عقدت لجنة الأزهر لإعداد مشروع القانون الاجتماع رقم 30 الذي انتهت خلاله من صياغة العديد من مواد القانون، لتتم إحالة نصوص القانون إلى هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف لمراجعتها وإقرارها، ليأخذ مشروع القانون بعد ذلك مساره القانوني، وفقا للإجراءات المنظمة لذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *