ترامب يصر على الانسحاب من سوريا رغم الرفض الصهيوني

كشف الكاتب غاريث بورتر أن حكومة العدو الصهيوني وداعميها في واشنطن كانوا يحثون الرئيس الأميركي على استثمار الوجود العسكري الأميركي في سوريا لدعم اعتداءات إسرائيلية تهدد إيران، وذلك في مقالة للكاتب نشرت في مجلة “ذا أميريكان كونزيرفاتف”.

الكاتب أوضح أن “استراتيجية كيان العدو كانت ترمي إلى فصل روسيا عن ايران، ومن ثم ممارسة ضغوط على طهران كي تسحب قواتها العسكرية من سوريا”، لافتا إلى أن “هذه السياسة أنشأها أحد مراكز الدراسات الموالية للكيان الصهيوني، وتنتظر موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكن الكاتب أشار في الوقت نفسه إلى أن بعض مسؤولي “البنتاغون” لم يوافقوا عليها”.

وذكّر بورتر بقيام كيان العدو في مطلع العام 2018 بتصعيد وتيرة الضربات الجوية ضد “أهداف تابعة لإيران في سوريا”، موضحا أن “الهدف الأول للضربات الإسرائيلية كان منع إيران من إرسال صواريخ دقيقة إلى حزب الله-مع العلم بحسب الكاتب- أن الاستخبارات الإسرائيلية اعترفت منذ عقد باستلام حزب الله مثل هذه الصواريخ”.

وتابع الكاتب “في عام 2018، قام الجيش الصهيوني بإضافة سبب آخر للهجمات وهو إجبار إيران على التخلي عن وجودها العسكري في سوريا بالكامل،وفي المقابل لم يقدم الكيان أي دليل على وجود قواعد إيرانية دائمة في سوريا”.

وأردف الكاتب بأنَّ “الكيان الصهيوني تبنى استراتيجية تقوم على خلق انطباع بأن الحرب قد تندلع في سوريا بينه وبين إيران في حال عدم تدخل الروس وإجبار الايرانيين على المغادرة”، كما أشار إلى أن “أحد كبار معاوني نتنياهو يدعى درور ميتشمان قام بتاريخ 8 نيسان/أبريل الماضي بعرض الاستراتيجية علنا لأول مرة، وتكلم عن تصعيد الضربات الإسرائيلية على سوريا، الأمر الذي قد يجر إيران إلى الرد”.

كلام ميتشمان-بحسب الكاتب- “كان يرمي إلى حشد القوة العسكرية الأميركية في سوريا بدلا من قوة الكيان الصهيوني”، وتابع الكاتب “إن معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى وهو مركز دراسات صهيوني شهير أسسه اللوبي الصهيوني (إيبك) عام 1985، كان قد بدأ بلعب دور في هذا الصدد، وقد نشر فيه جايمس جيفري الذي كان باحثا قبل ان يعين معبوث أميركيًا إلى سوريا مقترحا سياسيا رحب فيه بفكرة ترامب بسحب القوات الأميركية من سوريا لكن ليس جميعها، إذ اقترح جيفري أن تقلص واشنطن من قواتها في البلد خلال فترة تمتد بين 9 و12 شهرا، ومن ثم الاعتماد على القوة الجوية بشكل أساسي لتنفيذ مهمة وصفها بأنها “استعراض للقوة” للتأثير على قرارات روسيا وإيران”، بحسب قول الكاتب.

المعهد-بحسب الكاتب-“توسع في اقتراح جيفري وذلك في ورقة حملت عنوان “سياسة أميركية جديدة في سوريا” تضمنت دعوة لواشنطن لدعم مساعي “إسرائيل” الهادفة الى خلق فجوة بين ايران روسيا والرئيس السوري بشار الأسد، بما في ذلك ضربات إسرائيلية على مواقع عسكرية ايرانية”.

الكاتب تابع بالقول إن “الورقة وصفت سياسة إسرائيلية تهدف الى وضع روسيا أمام معضلة فإما أن تقوم بكبح إيران أو تواجه امكانية اندلاع حرب على الاراضي السورية بين كيان العدو من جهة وإيران وحزب الله من جهة أخرى، فضلاً عن تضمّنها دورا أميركيا يقوم على فرض قيود على تحركات إيران في سوريا من خلال الإبقاء على عدد صغير من القوات الاميركية وإقامة منطقة حظر طيران وحظر قيادة في المناطق الشمالية السورية التي هي تحت سيطرة الولايات المتحدة وتركيا”.

وإذ لفت الكاتب الى أن وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو كان مؤيدا للاقتراح الذي قدمه جيفري وقام بشهر آب/أغسطس الماضي بإنشاء مجموعة صغيرة تضم شخصيات مؤيدة للاستراتيجية الاسرائيلية في سوريا، أشار الى أن بومبيو هو من سمى جيفري لمنصب المبعوث الخاص إلى سوريا.

واستذكر بورتر ما قاله جيفري في مقابلة صحافية في أيلول/سبتمبر الماضي، حين أكد أن “السياسة الاميركية الجديدة في سوريا لا تشمل الانسحاب مع حلول نهاية العام وان القوات الاميركية ستبقى من اجل ضمان مغادرة ايران من سوريا وايضا ضمان هزيمة ثابتة لـ”داعش””.

الكاتب ذكر أن ثمة تقارير اعلامية صدرت في منتصف تشرين الاول/أكتوبر الماضي أكدت أنه تمت صياغة هذه السياسة الجديدة وأنه من المتوقع أن يتم وضع اللمسات الأخيرة عليها خلال الأسابيع القادمة، غير أن الكاتب أشار إلى أن “هذه السياسة لم تحظ بموافقة رسمية من ترامب، وإلى ان صحفيين اميركيين كشفوا عن مخاوف مسؤولين عسكريين اميركيين من هذه الخطة”.

وأضاف الكاتب “مع انتظار المجموعة الأميركية المؤيدة للكيان الصهيوني موافقة إدارة ترامب على السياسة الجديدة، أصبح الجيش الصهيوني أكثر استفزازا في سوريا، ومن جملة استفزازاته ما حصل في 18 أيلول/سبتمبر الماضي حين شنت الطائرات الصهيوينة ضربات قرب مركز عسكري روسي في محافظة اللاذقية، وقتل آنذاك خمسة عشر عنصر روسي اثر استهداف طائراتهم بصواريخ أرض-جو سورية كانت تحاول ضرب الطائرات الصهيونية”.

في المقابل، تطرق الكاتب إلى الرد الروسي على الاستفزازات الصهيونية، التي تضمنت إعلان موسكو عن بيعها في أيلول/سبتمبر نظام S-300 للحكومة السورية، لافتا إلى أن “هذا الأمر شكل تحديا كبيرا لاستراتيجية كيان الاحتلال، وبعدها أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون
أن الولايات المتحدة لن تغادر سوريا طالما بقيت القوات الايرانية خارج الحدود”، وفق قول الكاتب.

وفي الختام، ذكّر الكاتب بتصريح جيفري من الخارجية الأميركية في 3 كانون الأول/ديسمبر الماضي، حيث أكد على موقف بولتون الداعي إلى بقاء القوات الأميركية في سوريا حتى إلحاق الهزيمة بتنظيم “داعش” وانسحاب جميع القوات بقيادة إيران من سوريا.

وتابع الكاتب أنه على الرغم من تعزيز بولتون لسلطته والدفع بسياسة جديدة تدعم استراتيجية الكيان الصهيوني، إلا أن ترامب أبلغ ماتيس وبومبيو وبولتون قراره بالانسحاب من سوريا بتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر الماضي، وأضاف الكاتب “كان ترامب يدرك الصدمة التي سيحدثها انسحابه من سوريا لدى جهاز الأمن القومي الأميركي وداعمي الكيان الصهيوني، لكنه أصر على الانسحاب، ما يعني تحولا هاما بأولويات ترامب السياسية”، قال الكاتب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *