صنداي تلغراف: إعادة تأهيل سريعة للأسد وتوقعات بفتح السفارة السعودية وبعدها البريطانية

كتبت مراسلة صحيفة “صنداي تلغراف” خوسيه إنسور، عن التطورات الأخيرة على الملف السوري، في تقرير تحت عنوان “ربما كان علينا الاعتراف أن الوحش قد انتصر”. وأشارت فيه إلى عهد جديد من الشرعية لبشار الأسد مع افتتاح السفارات في سوريا التي مزقتها الحرب.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي بريطاني في بيروت تحدث وعلى وجهه ابتسامة مرتبكة عن أن المنصب المقبل له قد يكون في دمشق، وقالت: “أعطها عاما وسنكون قد أعدنا افتتاح سفارتنا”.

وتقول الكاتبة إن تعليقات الدبلوماسي البريطاني تكشف عن الكيفية التي تغير فيها مسار الريح في سوريا. فرغم الموقف البريطاني الذي طالما التزم بضرورة رحيل الأسد كشرط لعملية الانتقال السياسي، إلا أن جيرمي هانت، وزير الخارجية اعترف في الأسبوع الماضي أن الأسد “باق”. وأعلنت الإمارات العربية والبحرين عن افتتاح سفارتيهما اللتين ظلتا مغلقتين طوال الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2011، وهي خطوات أولى لإعادة تأهيل أكبر نظام مجرم في التاريخ. وتقول مصادر دبلوماسية إن السعودية التي تعد من أهم الدول العربية التي عارضت النظام قد تكون التالية التي ستفتح سفارتها في دمشق وبداية هذا العام.

الخطوات الدبلوماسية بداية شرعية لنظام عامله المجتمع الدولي كمنبوذ بعدما قمع انتفاضة سلمية طالبت بإصلاحات

وتعلق إنسور قائلة إن الخطوات الدبلوماسية تعد بداية شرعية لنظام عامله المجتمع الدولي كمنبوذ بعدما قمع انتفاضة سلمية طالبت بإصلاحات. وفقد النظام مقعده في الجامعة العربية وكان عرضة للعقوبات وموضوعا لعقوبات أخرى فرضها مجلس الأمن الدولي الذي فرض على دمشق عقوبات أكثر من أي دولة أخرى. ولكن الحرب الأهلية التي استمرت لثماني سنوات تقريبا اقتربت من نهايتها بسبب الدعم الروسي وقرار دونالد ترامب سحب قواته من سوريا بشكل منح الضوء الأخضر لإعادة ترتيب النظام في الشرق الأوسط.

وبحسب داني مكي، المحلل السوري- البريطاني: “مرت علاقات سوريا مع الدول العربية بعملية دبلوماسية مكوكية وانتهت بفتح السفارات وتغيير النبرة تجاه دمشق”، وأضاف: “كان كل شيء مخططا بدءا من زيارة عمر البشير (الرئيس السوداني) منتصف كانون الاول (ديسمبر) واستمر حتى فتح السفارات”.

وقالت مصادر إن المسؤولين العرب يناقشون إمكانية السماح للوفد السوري المشاركة في القمة الاقتصادية العربية التي ستعقد نهاية الشهر الحالي في بيروت. وقد تكون فحصا للأجواء قبل القمة العربية المقرر عقدها في آذار (مارس) بالعاصمة التونسية.

وتوقع الدبلوماسي أن تجد الحكومة البريطانية صعوبة في تسويق إعادة فتح السفارة البريطانية في دمشق: “أتوقع أن إعادة فتح السفارة (متى وعندما يحدث) أن يواجه صعوبة في التسويق للرأي العام”. وأضاف: “لقد تم قصف الرأي العام بصور عن المذابح خلال السنوات الماضية وربما نحتاج للقول لهم في مرحلة، الوحش المسؤول عنها قد انتصر”.

ويخشى النقاد من أن يؤدي تطبيع العلاقات إلى هرب المسؤولين عن الجرائم من العقاب خاصة هجمات غاز السارين وتعذيب المعارضة. ومنذ عام 2011 سجن النظام معارضيه وقتلهم حسب تقارير “أمنستي انترناشيونال” على قاعدة واسعة. وقتل في الحرب حوالي 600.000 شخص، معظهم ماتوا على يد النظام. وفاز الأسد في عام 2014 بولاية ثانية تنتهي عام 2021. وحثت الأمم المتحدة النظام والمعارضة العمل على مسودة دستور جديد إلا أنها تعترف بعدم حدوث هذا.

وترى الصحيفة أن سوريا الواقعة على البحر المتوسط والقريبة من الدول الغنية تعد من أهم المناطق الجيوسياسية في المعادلة الدولية. وقال وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر مرة: “لا يمكنك شن حرب في الشرق الأوسط دون مصر. ولا تستطيع صناعة سلام دون سوريا”. وتتعامل روسيا مع البلد كوسيلة لتعزيز موقعها الدولي وملء الفراغ الأمريكي. أما إيران فترى فيها شريكا في النزاع السني- الشيعي.

وتعلق الكاتبة أن أمريكا لم تقدم استراتيجية واضحة في سوريا من ناحية الحد من التأثير الإيراني وسحق تنظيم الدولة. وفي الشهر الماضي تخلى ترامب عن الأهداف الغامضة وأمر بسحب 2.000 جندي من سوريا. وعرّض القرار حلفاء أمريكا وهم أكراد سوريا لخطر هجوم تركي.

بشكل دفع الأكراد للبحث عن تسوية مع النظام قد تؤدي لتخليهم عن معظم ما سيطروا عليه. وسيكون الأسد على حافة استعادة معظم مناطق سوريا. وحذر مستشار الأمن القومي جون بولتون، النظام من استخدام السلاح الكيميائي مؤكدا على الموقف الأمريكي وهو الرد على أي هجوم. وذكر أن أمريكا عاقبت النظام مرتين.

سوريا لن تستطيع الوقوف على قدميها دون 400 مليار دولار لإعادة الإعمار

ويرى الكثيرون أن ما ينظر إليه انتصار للأسد مجرد رقصة حرب فارغة. ويشيرون إلى دمار معظم المدن السورية بما فيها العاصمة الصناعية للبلاد. وسيكون من الصعب على النظام إعادة الأمور إلى ما كانت عليه دون عمليات إعمار.

ويرى كمال علم، الباحث الزائر في المعهد الملكي للدراسات المتحدة أن سوريا لن تستطيع الوقوف على قدميها دون 400 مليار دولار لإعادة الإعمار. واشترطت دول الإتحاد الأوروبي عملية ديمقراطية في سوريا قبل أن تنفق يورو واحد.

ولكن الحكومات الأوروبية التي تعاني من الضغوط لوقف موجات المهاجرين قد توافق للعمل مع النظام من خلال روسيا. وقال علم: “يمكن للاتحاد الأوروبي العمل من خلال موسكو. وهناك شركات إيطالية ويونانية في سوريا وأبدت الشركات الألمانية اهتماما”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *