يحتفل العالم الإسلامي في كل بقاع الارض اليوم (الثلاثاء) بذكرى المولد النبوي الشريف، الذي يصادف الثاني عشر من ربيع الأول. وعلى الرغم من إختلاف طبيعة الاحتفالات والطقوس التي تُقام في الدول، إلا أنها تحاكي حب المسلمين للرسول صلى الله عليه وسلم، وإحساسهم بقيمة اليوم الذي ولد فيه خير البشرية، ليكون خاتم الانبياء.
وتختلف طبيعة الاحتفالات، من بلد لاخر، غير ان يوم مولد الرسول مناسبة تحتفل فيها الكثير من العائلات، وتجهز لها قبل أيام.
وتعمد الكثير من الجمعيات الخيرية أو لجان المساجد على سبيل المثال، أو المبادرات الجماعية الشخصية على أن توفر نوعا من الأجواء الاحتفاليه بهذا اليوم، من خلال عدة أنشطة، تصب كلها في مضمون الاحتفال.
وتقول الطالبة الجامعية جنات منصور أنها تنوي ان تجتمع مع صديقاتها لتبتاع انواعا مختلفة من الحلوى ويقمن بزيارة روضة أو جمعية للأطفال وتوزيع الحلوى عليهم، ويحدثونهم عن النبي عليه السلام والصلاة عليه في كل وقت، وعن دين التسامح والمحبة الذي جاء به عليه الصلاة السلام في فقرات خاصة تنشر الفرح في ذات الوقت.
ومن الافكار الأخرى التي تنوي جنات أن تقوم بها في هذا العالم للاحتفاء بالمولد النبوي أن تتفق كذلك مع صديقاتها وزميلاتها في الجامعة أن يقمن بتحضير مجموعة من الطاولات ليتم وضع مجموعات من المطويات التي تتحدث عن سيرة الرسول ومولده وصفاته الإنسانية التي تدعو للمحبة والتوادد، بالإضافة إلى امكانية عمل أفكار جديدة غير نمطية للاحتفاء، والتي تساعد على نشر روح المحبة والالتفاف حول سيرة الرسول العطرة وتذكير المجتمع بها.
وبالاتفاق مع السيدات التي تلتقي فيهن بالجمعية، تقوم أم يزيد أحمد بعمل اجتماع للسيدات اللواتي ينتسبن معها للجمعية ليتم دعوة أحد الدعاة أو علماء الدين لإلقاء درس خاص بهذه المناسبة، والتي عادة ما تُقام بعد يوم أو يومين من ذكرى المولد النبوي، بحسب ام يزيد.
وتضيف أم يزيد أن السيدات يقمن بعمل بعض المأكولات المختلفة والحلويات التي توزع على الحضور، بنية الاحتفال والفرح والتذكير بذكرى طيبة وغالية على قلوب كل المسلمين، وتقول “نحن كأمهات وسيدات وربات بيوت نخصص وقتا للاحتفال بهذه المناسبة، فهي نوع من كسر روتين وفرصة للتجمع في مناسبة تستحق الاحتفال”.
كما وتقوم مجموعة من السيدات بترتيب جلسة، كما توضح أم يزيد، بحيث تشمل هذه الجلسة على التسبيح وذكر الله والصلاة على الرسول، وقد يتخلل هذه الجلسة بعض الفقرات التي تقدمها سيدات أو مجموعة من الأطفال، الذين يقدمون ما تعلموه من أناشيد ومسرحيات عن حب الرسول والاقتداء بسنته الحميدة.
وتنقل وسائل الإعلام والوكالات الإخبارية سنويا الكثير من صور الاحتفال بالمولد النبوي في عدة دول من العالم، والتي تختلف في بعض تفاصيلها. وفي مصر على سبيل المثال، تعتبر الاحتفالات فيها واضحة الملامح والطقوس، إذ جاءت طبيعة الاحتفالات في مصر منذ عهد المماليك، التي كانت ترى في تبيان المظاهر الاحتفالية صورة للتعبير عن حب النبي عليه السلام.
ومن مصر، يقول وليد عبد المطلب، وهو مصري مقيم في الأردن، أنه يفتقد الكثير من المظاهر الاحتفالية التي تُقام في بلاده، ومن ابرزها شراء الحلويات التي يزداد الطلب عليها في هذا اليوم، وقد يستمر الاحتفال لعدة أيام، ومن أكثر أنواع الحلويات إقبالا فيها حلوى “المشبك واللبان وأنواع أخرى كثيرة تختلف من مكان لآخر”.
ومن المظاهر الاحتفالية بالمولد النبوي في مصر كذلك، والتي تأخذ طابعا اجتماعيا، كما يقول وليد، هو توزيع الهدايا والحلوى واللحوم أحيانا “للولايا” أي للأرحام، من الأخوات والعمات والخالات، والتي يعتقد وليد أنها محببة للجميع. فيها نوع من التكافل والتذكير بصلة الأرحام التي أوصى عليها الرسول عليه الصلاة والسلام، وما يرافق ذلك من احتفالات دينية انشادية ووجود زينة المولد، التي يقوم بها السكان بتعليقها على مداخل بيوتهم احتفاء بهذه المناسبة، التي تعتبر عيدا ينتظرونه سنوياً.
“هي مناسبة دينية وإجتماعية سعيدة أتمنى فيها أن ينثر الله السلام على مختلف الدول العربية والإسلامية والخروج من ضنك الحروب والقتال التي تدور فيها في ظل هذه المناسبة الدينية”، بهده الكلمات عبر ينال محمد، الطالب الجامعي، في تعبيره بالحديث عن المناسبة التي يستذكر فيها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.
ينال، وهو شاب سوري الجنسية، يستذكر احتفالات عائلته بالمولد النبوي بالتذكير فيه الصلاة على الرسول، وعلى حرصهم على حضور الدروس الدينية في المسجد، التي تعقب الصلاة يتحدث فيها إمام المسجد بعبارات بسيطة وجميلة يستذكر فيها الرسول عليه الصلاة والسلام، وتسامحه وحرصه على أن تعم المودة والحب والسلام على الجميع دون استثناء.
وفي هذه المناسبة، يحاول ينال أن يستعيد مع عائلته بعضا من الطقوس القديمة التي يشعر بالحنين لها، مثل شراء الحلوى أو تجهيز بعضها من قِبل والدته، وأن يقرأ شيئاً من كتب السيرة النبوية، التي تبعث على الاطمئنان وحب النبي، وأن يدعو للعالم أن ينتهي من حالة الضيق التي يعانيها في الكثير من بقاعها.
وتبقى مناسبة ذكرى المولد النبوي، كغيرها من المناسبات والاحتفالات الدينية التي تقرر فيها الحكومات في بعض الدول العربية بأن يكون يوم عطلة رسمية، كما في الأردن، ليكون يوم فرح وبهجة بذكرى عطرة