“واشنطن بوست”: مؤامرات ودسائس وأجهزة مراقبة في منافض السجائر في قصور العائلة السعودية المالكة

تكمن وراء الجريمة الوحشية بقتل الصحافي جمال خاشقجي، صراعات دموية على السلطة داخل العائلة المالكة السعودية، التي ساعدت في تغذية جنون العظمة والتهور عند ولي العهد محمد بن سلمان.
وبدأ المشهد الافتتاحي لهذه العداوة العائلية في يناير/ كانون الثاني من عام 2015 في جناح كبار الشخصيات في أحد مستشفيات الرياض حينما كان الملك عبدالله على فراش الموت، ووفقا لشهود عيان، فقد تأخر أبناء الملك وحاشيته لفترة وجيزة عن إخبار خليفته الملك سلمان في محاولة للحفاظ على مواقع قوية لجناح الملك عبدالله في العائلة.
ويتطابق هذا التخطيط الوحشي داخل آل سعود، على حد تعبير الكاتب ديفيد اغناتيوس في مقال رأي نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، مع سلسلة “لعبة العروش” التلفزيونية الخيالية حيث امتدت التداعيات إلى الولايات المتحدة والصين وسويسرا وبلدان أخرى.
وكشف اغناتيوس عن صراع بين عشيرتين في السعودية، وقد وصل تنافسهما إلى حد الإسراع بتسمية محمد بن سلمان، ابن الملك المفضل، مع محاولات لاختطاف عضو من الأسرة المالكة من فصيل عبدالله في بكين في عام 2016 في عملية تبدو كأنها فصل من فيلم تجسس.

كانت أجهزة المراقبة مخبأة في منافض السجائر وغيرها من المواد المتناثرة حول القصور في الرياض لالتقاط المؤامرات والقيل والقال

وقد أصبح بن سلمان أكثر قلقا تجاه أولئك الذين يعتبرهم أعداء، ليبدأ بواسطة فريق من عملاء الاستخبارات السعودية، بتنظيم عمليات اختطاف للمنشقين في الخارج والداخل، واحتجازهم في مواقع سرية، وتعذيبهم.
وقالت “واشنطن بوست” إن المخابرات المركزية لم تفهم معنى رسالة “إعادته” التي اعترضتها من مصادر سعودية قبل 3 أشهر إلا بعد أختفاء خاشقجي في اسطنبول، وقد لاحظت الولايات المتحدة هذه الحرب الوحشية داخل العائلة المالكة إلا أن جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره، أصبح قريبا بشكل مريب من بن سلمان، وما زال المحللون يبحثون عن سر زيارته للرياض في اواخر اكتوبر 2017 بسبب ما تبعها من أحداث لها علاقة بالمكائد الملكية وحملة اعتقال الأمراء ورجال الأعمال.
وعودة إلى المشهد الأول، لنشاهد الديوان الملكي وهو يحاول إبقاء أخبار المرض القاتل للملك عبدالله بعيدة عن العامة، في حين زادت التكهنات حول إمكانيات الخلافة، بما في ذلك احتمال أن يصبح ابن عبد الله، متعب، رئيس الحرس الوطني، ملكا.
وكان أفراد العائلة يتجسسون على بعضهم البعض، فيما كان الصراع على الخلافة يلوح في الأفق، وبرزت تقارير تؤكد ظاهرة التنصت على مكالمات الأمراء الكبار، وقام معسكر عبدالله بشراء جهاز صينى الصنع يمكنه الكشف سرا عن أرقام الهواتف في نطاق 100 ياردة دون الوصول إلى الهواتف مباشرة، وكانت أجهزة المراقبة مخبأة في منافض السجائر وغيرها من المواد المتناثرة حول القصور في الرياض لالتقاط المؤامرات والقيل والقال.
وظهر اسم سعود القحطاني بقوة في المشهد، وهو محامٍ سابق وعضو سابق في القوات الجوية مع ميل للقرصنة ووسائل التواصل الاجتماعي، والأهم من ذلك كله، تعطشه الشديد للمال الذي ساعد سلمان وابنه في تعزيز السلطة، وقد كان معسكر سلمان يشك في أمر القحطاني في البداية لأنه عمل مساعدا للتويجي في البلاط الملكي، وتعرض للضرب ولكنه سرعان ما أثبت ولاءه لبن سلمان مع رغبة بالانتقام.
ووجه القحطاني، سيده الجديد بن سلمان، إلى قائمة محتملة من المخططين للانقلاب، وفي النهاية خلص المحققون في الولايات المتحدة إلى أن القحطاني، بصفته مديرا للعمليات المتعلقة بالمعلومات، قد ساعد في تنظيم جريمة خاشقجي.
وأوضح الكاتب اغناتيوس أن فريق الملك سلمان قد بدأ في لعب السياسة العائلية الصارمة منذ الأسبوع الأول من توليه السلطة حيث أزال مرسوم ملكي اثنين من أبناء عبدالله، تركي ومشعل، من مناصبهما، ليبرز بعد ذلك محمد بن سلمان، المصاب بداء الارتياب، إلى درجة أنه أقنع إدارة الرئيس السابق، باراك اوباما ، بأنه رجل الاصلاحات القادم الذي يستحق الدعم من قبل الولايات المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *