لاختراعه “الأنف الإلكتروني”.. باحث فلسطيني يفوز بـجائزة الاتحاد الأوروبي للابتكارات

يبدو أن حاسة الشم لدى الباحث الفلسطيني حسام حايك متطورة جداً فهو يتمتع بأنفين، الأول طبيعي وبواسطته تمكن من استنشاق رائحة الطاقة العلمية – الطبية الكامنة في أفكار اعتبرت حتى الآن ضربا من الخيال، و”أنف إلكتروني” (سنايفون) وهو استحداث تكنولوجي ابتكره وهو قادر على تشخيص مبكّر للأمراض الصعبة.

ويستدل من بحث واسع بدأ قبل سنوات ونضجت نتائجه الآن أن رائحة فم الإنسان عبارة عن “كنز طبي” ويمكن أن تنذر مبكرّا جدا بإصابته بواحد من الأمراض الخطيرة وأحيانا قبل ظهور أي عارض وبمستوى دقة عالٍ.

يشرف على هذا البحث الباحث بروفيسور حسام حايك (43 عاما) من مدينة الناصرة داخل أراضي 48، وهو محاضر مختص بالهندسة الكيماوية في معهد الدراسات التطبيقية في حيفا (التخنيون). وتقديرا لبحثه الريادي الهام تم منح حايك جائزة التطوير والاستحداث من الاتحاد الأوروبي للابتكارات في حفل مهيب في لشبونة، وبحضور قادة أوروبيين وهي جائزة تمنح عادة لتقدير الدراسات والابتكارات.

ويتمثّل الابتكار الجديد بجهاز يستند إلى مجسات دقيقة جدا ترتبط بجزيئات يبثها الزفير عند التنفس وتستطيع استنشاق رائحة الأنفاس البشرية خلال التنفس والقيام بعملية تشخيص طبي لأمراض خطيرة. ويقوم الجهاز بشكل فوري بنقل معطيات الاستنشاق إلى حاسوب، ويتم معالجتها بواسطة خوارزميات تفيد بوجود هذا النوع من الداء أو ذاك من الأمراض التي يتم تسجيلها سلفاً في قائمة ولكل منها مزايا وخواص.

ويتيح هذا الأنف الإلكتروني التشخيص بدقة بنسبة عالية تتراوح بين 86%و 93% لقائمة أمراض طويلة تشمل أنواعا كثيرة من السرطان والرعشة (الباركنسون) وتصلب الشرايين وأمراض الكلى المزمنة.

ويرجح بروفيسور حايك أن يدخل “الأنف الإلكتروني” لحيز الاستخدام فور تشريع نظام قانوني خاص به خلال شهور وأن يعتمد في مستشفيات العالم خلال أربع سنوات.

ويوضح حايك لـ”القدس العربي” أنه بدأ مسيرته العلمية كمهندس، قبل أن ينتقل لاحقا إلى عالم الطب.

ويتابع: “عندما بدأت اهتم بدراسات لها علاقة بالطب خاصة الأمراض السرطانية سألت نفسي كيف أساهم في مكافحة هذه الأمراض؟ وكنت أدرك حيوية الاكتشاف المبكر لهذا الداء الخطير؟ ومن هنا انطلقنا وبدأت بالتمركز والبحث عن ابتكار يساعد في ذلك”.

كما يشير إلى ابتكار ملصقات تحمل مجسات تثبت على يد الإنسان وتلتقط معلومات طبية من الجسم، وتعمل بنفس المبدأ كما هو الحال مع المعلومات من خلال معاينة الاستنشاق.

وعن عملية استلهام الفكرة، يقول حايك إنها جاءت من جهة غير متوقعة، لافتا إلى أنه قرأ كتاب تاريخ عن اليونانيين القدماء، وفيه حديث عن عادة الأطباء باستنشاق رائحة المريض كوسيلة تشخيص. ويضيف: “أتاحت لهم هذه الطريقة تشخيص مرض مزمن في الكلية وكانت هذه قد أشعلت خيالي وبدأت أبحث عن تفسير علمي لهذا المبدأ بطرق علمية عصرية، وبكلمات أخرى كيف نكتشف الأمراض عبر التنفس وكيف يمكن تحليل المعطيات بشكل موثوق”.

ويوضح أن استخدام هذا الجهاز المبتكر يعفي المرضى من فحوصات عميقة صعبة وغير لطيفة كالجراحة أو الحصول على عينات من الأنسجة أو فحوصات الدم والبول وفحوصات الناظور.

منوها أن امتياز الأنف الإلكتروني لا يقتصر على توفير فحص مريح جدا، بل يتيح عملية تشخيص سريعة ورخيصة جدا لكل الناس مما يعني إنقاذ حياة الكثير من البشر.

وقد شرع حايك بدراسته حول الأنف الإلكتروني قبل عقد من الزمن، وسرعان ما تطور وشمل 19 دراسة مخبرية وطبية مختلفة في العالم، شملت 8000 شخص ( من المرضى والأصحاء) شاركوا بفحوصات وتجارب علمية.

كما يستند البحث على مفهوم علمي تكنولوجي، يفيد أن جسم الإنسان يبث معلومات طبية عملية هامة تساعد في تشخيص الأمراض بحال تحليلها بصورة سليمة، وهذا لا يقتصر على التنفس، إنما يشمل معلومات يزودها الجلد أو البشرة.

وهناك فائدة كبيرة لمثل هذا الجهاز لتشخيص مبكّر لمرض السلّ الذي يصيب ثلث البشرية خاصة في دول العالم الثالث، ويقتل 1.5 مليون شخص سنويا.

وعلى خلفية ذلك يحظى الباحث الفلسطيني بالكثير من التقدير في العالم على ابتكاره، علما أنه سبق وحاز على جوائز ومنح بحثية عالمية، وسبق أن تم اختياره من بين أفضل 35 باحثا شابا رائدا في العالم ممن حصلوا على وسام “فارس الأكاديمية” وكذلك حاز على جوائز حكومية من دول أوروبية كفرنسا وألمانيا وسويسرا .

وخلص حايك للقول: “شكراً لطاقم أبحاثي وشركائي في الاتحاد الأوروبي في مشروع “سنايفون” ولكم/ن أصدقائي وصديقاتي على كونكم/ن من أنتم/ن وعلى تميزِ كل منكم/ن بمجاله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *