خالدة جرار .. مناضلة يعجز العدو عن محاكمتها

تقبع الأسيرة الفلسطينية خالدة جرار منذ عام في سجون قوات الإحتلال الصهيوني بالضفة الغربية المحتلة، دون محاكمة وبملف سري يعجز قادة جهاز “الشاباك” عن مواجهته.

جرار (53 عاما) هي نائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، اعتقلها الإحتلال بدعوى أنها “ناشطة كبيرة في “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” المصنفة على أنها منظمة “إرهابية”.

أنهت الأسيرة جرار، من سكان مدينة البيرة برام الله، عامها الأول في سجون الاحتلال الصهيوني، منذ اعتقالها بتاريخ تموز/يوليو 2017، ودخلت عامها الثاني، فيما لا تزال قيد الاعتقال الإداري الذي يتم تمديده كل اربعة أشهر رغم الضغوط الدولية للإفراج عنها.

واعتقلت جرار بعد أن حوصرت من قبل ضباط من المخابرات الصهيونية في منزلها، حيث اقتحم العدو المنزل وحطم محتوياته، قبل أن تُنقل جرار عبر الآليات العسكرية إلى سجن هشارون، إذ مددت مدة اعتقالها مرتين دون تحقيق أو توجيه أي تهم لها.

وبعد 10 أيام على اعتقال جرار، أصدر بحقها حكماً يقضي بالسجن الإداري مدة ستة أشهر بتوصية من مخابرات الاحتلال الصهيوني. وقبل أن تنتهي المدة بعدة أيام، جدد الإحتلال الأمر الإداري لمرة ثانية مدة ستة أشهر جديدة، ومرة ثالثة لمدة أربعة أشهر، حيث أمضت عاما كاملا في الاعتقال الإداري ودخلت عامها الثاني.

الاعتقال ليس الأول لـ جرار فقد اعتقلت في نيسان/ابريل 2015 بعد أن اقتحم العدو منزلها في مدينة البيرة وأصدر بحقها حكماً بالاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر بتهمة التحريض على الاحتلال، وتم تخفيضه لشهر، وفي شهر أيار/مايو أصدرت المحكمة قراراً بالإفراج الفوري عنها، إلا أن اعتراض النيابة حال دون تنفيذ القرار وادعت أن لديها أدلة تدينها رافضة الإفصاح بشكل واضح عن التهم بحجة الملف السري، وأصدرت بحقها حكماً يقضي بالسجن الفعلي مدة 15 شهراً أمضت منها 14 شهراً، وأطلقت سلطات الاحتلال سراحها في الثالث من حزيران/يونيو للعام 2016.

يذكر أن الاحتلال الصهيوني رفض الاستجابة لمطالب العديد من ممثلي الدول الأوروبية ومنطمات حقوقية، طالبوا بإطلاق سراح جرار، وأصر على اعتقالها واصدر قرارا إداريا بحقها، ما يؤكد أن قرار اعتقالها وتغييبها عن المشهد الفلسطيني سياسي لا أمني، لكونها من النواب الناشطين الذين دافعوا عن حقوق الشعب الفلسطيني ووقفوا في مواجهة كل إجراءات الاحتلال التنكيلية ورفضوا التنسيق الأمني بين العدو والسلطة الفلسطينية.

وقالت مريم أبو دقة، عضو المكتب السياسي لـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” وشريكة جرار في تجرية الاعتقال مطلع الثمانييات، أن “هدف الاحتلال من اعتقال النساء الفلسطينيات هو كسر إرادة الشعب الفلسطيني لحساسية وضع المرأة في المجتمع الفلسطيني”، مؤكدة ان “وعي المرأة الفلسطينية وإدراكها لدورها الفعال كسر كل اعتقادات الاحتلال”.

وأضافت أن جرار هي صوت حر وموقف سياسي معادي وحقيقي ضد الاحتلال ولسان حال الإنسان الفلسطيني أينما وجد، مؤكدة ان “السجان سيعجز عن هزم عزيمتها وكسرها بمواصلة اعتقالها”.

من جهته، قال هاني الثوابتة، القيادي في “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” إن “الاحتلال يعتقل المناضلات الفلسطينيات اللواتي شكلن حالة صمود في مواجهة الإجراءات الصهيونية”، واضاف ان “جرار هي احدى القامات الوطنية التي شكلت عاملا مضادا لسياسات الاحتلال عبر محطات حياتها النضالية”، واعتبر أن “استمرار وضع النائب جرار بالاعتقال الاداري وتجديده، يعبر عن العنصرية الصهيونية في التعاطي مع المناضلين الفلسطينيين إلى جانب النيل من عزيمتهم وإرادتهم التي لن تنحني وستبقى قامة كبيرة في عيون وقلوب كل أبناء الشعب الفلسطيني” .

الباحث المتخصص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ذكر انه “منذ العام 1967 سُجل ما يزيد عن 15 ألف حالة اعتقال في صفوف الفلسطينيات”، مضيفا أن “سلطات الاحتلال لم تميز يوما في قمعها ومعاملتها القاسية وانتهاكاتها الجسيمة بين الفلسطينيين، ذكورا كانوا أو إناثا، صغارا وكبارا”.

واوضح فروانة أن قوات الاحتلال صعدت من استهدافها للإناث، على اختلاف أعمارهن، خلال السنوات القليلة الماضية، ووسعت من حملاتها واعتقالاتها التعسفية واحتجازها العشوائي للفتيات والنساء، وقد سُجل منذ اندلاع “انتفاضة القدس” في الأول من تشرين أول/أكتوبر 2015 اعتقال نحو 525 فتاة وامرأة، بينهن قاصرات، فيما تقبع في سجون العدو نحو 50 أسيرة بينهن أمهات ومريضات وقاصرات وجريحات موزعات على سجني هشارون والدامون.

وأكد فروانة أن جميع من مررن بتجربة الاعتقال، تعرضن لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والمعاملة المهينة، كما تعرضن لمضايقات جمة وتعدي فاضح على خصوصيتهن داخل مراكز التوقيف، أو خلال تواجدهن في السجن أو أثناء التنقلات، فضلا عن المحاكمات الجائرة وفرض الغرامات المالية الباهظة.

كما أوضح أن الأسيرات يُحتجزن في ظروف قاسية ويتعرضن للإهمال الطبي والتعمد في ايذائهن جسديا ونفسياً، وفي أحيان كثيرة يتم احتجازهن بالقرب من أقسام سجينات صهيونيات متهمات بجرائم قتل أو مخدرا، وقد اشتكين مرارا وتكرارا من ذلك، حيث يضطررن لسماع الشتائم البذيئة والصراخ المزعج والطّرق على الأبواب والنوافذ، وقد تعرضن كثيرا للاعتداءات اللفظية.

يذكر أن نظام الاعتقال الاداري موروث من الانتداب البريطاني للاحتلال الصهيوني، يتيح اعتقال أي شخص لستة أشهر دون توجيه تهمة إليه وقابل للتجديد لفترة زمنية عير محددة، وهو ما يحدث مع النائب جرار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *