كشف المعلق المعروف ديفيد إغناطيوس في تقرير طويل له بصحيفة “واشنطن بوست” عن سلسلة من عمليات الاختطاف والأخطاء التي ارتكبها نظام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، (م ب س) وكانت ذروتها جريمة مقتل الصحافي المعروف جمال خاشقجي. وأشار إلى أن الجريمة لها جذورها في العداء الدموي المحتدم داخل العائلة المالكة والصراع على السلطة. مشيرا: “يقع خلف جريمة مقتل جمال خاشقجي صراع على السلطة داخل العائلة المالكة والذي ساعد على تغذية (البارانويا ) والتهور عند ولي العهد محمد بن سلمان. وقاد هذا الهيجان إلى وفاة وتقطيع صحافي “واشنطن بوست””.
وقدم القصة الكاملة حيث بدأ المشهد الأول للصراع على السلطة في كانون الثاني (يناير) 2015 في مستشفى “في أي بي” بالرياض حيث كان الملك عبد الله على سرير الموت. وبحسب سعودي كان في داخل المستشفى الملكي فقد أخر أبناء الملك عبد الله الإعلان عن نبأ وفاة الملك عن ولي عهده سلمان على أمل انتهاز فرصة السيطرة على ثروة الديوان الملكي والحصول على مواقع قوية لجناح عبد الله في العائلة المالكة.
وقال إن عملية التآمر الدموية في بيت آل سعود في الأعوام التي تبعت وفاة الملك عبدالله تشبه الحلقات الفتنازية من مسلسل “لعبة العروش”. وامتد تأثيرها إلى الولايات المتحدة وسويسرا ودول أخرى حيث تنافس فرعي العائلة القويين على السلطة. وفي ظل التوتر المتزايد تجرأ الديوان الملكي في ظل محمد بن سلمان الابن المفضل للملك على اختطاف أعضاء من عائلة الملك عبدالله أثناء وجوده في بيجين في عملية جريئة تقرأ على أنها فصل من رواية بوليسية. وأصبح (م ب س)، كما يطلق على ابن سلمان قلقا بشكل متزايد وعدوانيا تجاه من يراهم أعداءه.
وبحسب خبراء أمريكيين وسعوديين ففي ربيع عام 2017 بدأ فريق من عملاء الاستخبارات يعمل بتوجيهات من البلاط الملكي بتنظيم عمليات اختطاف للمعارضين في الخارج والداخل. واحتجز المختطفون في أماكن سرية حيث استخدم المحققون معهم أساليب تعذيب خاصة “أساليب التحقيق المتقدمة”، وهو إشارة للتعذيب الذي يجعل المعتقل الاعتراف. وطلب منهم التوقيع على تعهد بعدم الكشف عما حدث لهم وإلا فسيدفعون ثمنا غاليا.
ويقول إغناطيوس إنه علم عن هذه الدراما الحقيقية من لقاءات مع خبراء أمريكيين وأوروبيين وسعوديين في أمريكا والخارج وأجراها بعد جريمة مقتل خاشقجي. ويعتقد الكاتب أن المعلومات التي قدموها له ودققها مع المصادر الأمريكية تساعد على فهم دوامة الغضب والخروج على القانون التي أخذت معها الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” خاشقجي في 2 تشرين الأول (أكتوبر).
فريق
وكشف إغناطيوس أن خاشقجي قتل على يد فريق أرسله البلاط الملكي، وهو جزء من قوة مهام سريعة وشكلت قبل 18 شهرا. مضيفا أن علاقات خاشقجي الصحافية مع قطر وتركيا أزعجت ولي العهد المستبد محمد بن سلمان الذي أصدر أمرا في تموز (يوليو) 2018 “أحضروه” إلى السعودية.
ويضيف إغناطيوس إن الولايات المتحدة راقبت الحرب الداخلية بين أبناء العائلة المالكة. وأصبح جارد كوشنر، مستشارا لبن سلمان. وهو الذي زار في نهاية تشرين الاول (أكتوبر) 2017 الرياض. ولم يكشف عن طبيعة الزيارة الخاصة ولكن هناك إمكانية مناقشته مع ولي العهد التأمرات بين أفراد العائلة. وبعد اسبوع من الزيارة قام بن سلمان بانقلاب داخلي واعتقل 200 من الأمراء ورجال الأعمال واحتجزهم في فندق ريتز كارلتون. وخطط المحيطون بالأمير للعملية بدقة.
وكان على رأس المعتقلين، الأمير تركي بن عبدالله، النجل الطموح للملك السابق والذي عبر عن مخاوفه للصينيين والأمريكيين من قرارات (م ب س) المتقلبة. ولا يزال تركي في المعتقل فيما مات مساعده الجنرال علي القحطاني بعد اعتقاله في الريتز كارلتون العام الماضي.
الصراع على السلطة
يقول الكاتب إن الدسائس في القصر بدأت بداية كانون الثاني (يناير) 2015 عندما تدهورت صحة الملك عبدالله الذي كشف قبل عام عن إصابته بسرطان الرئة. ونقل من منتجعه الصحراوي “روضة خريم” إلى جناح الشخصيات المهمة في مستشفى الحرس الوطني بالرياض. وعندما دخل الملك الغيبوبة بدأ المحيطون به من أبنائه ومساعدوه مناقشة وضعه وفرص تولي ابنه الأمير متعب السلطة. وعندما جاء الأمير سلمان إلى المستشفى يوم 23 كانون الثاني (يناير) وسأل “أين أخي؟” أجابه مدير الديوان في حينه خالد التويجري أن الملك “يرتاح” في فراشه. وفي الحقيقة كان الملك قد مات، حسبما قال الشخص الذي كان موجودا في المستشفى. وعندما علم سلمان بالحقيقة أصبح غاضبا وصفع التويجري صفعة سمع رنينها في ممر المستشفى. واعتقل التويجري في العام الماضي مع معتقلي الريتز. ويعيش الآن تحت الإقامة الجبرية بعد ما دفع المبالغ التي راكمها أثناء حكم الملك عبدالله. وقال طارق عبيد، رجل الأعمال السعودي الذي قدم الاستشارة لعائلة الملك السابق “كان خالد التويجري مضرا لأبناء الملك عبدالله”.
تجسس
وكان أبناء العائلة المالكة يتجسسون على بعضهم البعض مع بدء الصراع على الخلافة. ووصف أحد أبناء الملك عبد الله عملية التنصت على هواتف عدد من الأمراء البارزين. واشترى معسكر الملك عبدالله جهاز تجسس صيني يمكنه التقاط الحديث عن بعد 100 ياردة. وتم إخفاء أجهزة التجسس في مطافئ السجائر والأشياء الاخرى في قصور الرياض لالتقاط الأحاديث والتآمرات السياسية. وكان من بين الذين ساعدوا أبناء الملك سلمان لتوطيد سلطاتهم في الشهور الأولى سعود القحطاني، المحامي والعنصر السابق في سلاح الجو وعنده اهتمام بالإنترنت وعمليات القرصنة. ورغم أن عمله في الديوان الملكي مع التويجري كان مثار شك من معسكر بن سلمان إلا أنه أثبت ولاءه. وقال مصدر إنه تعرض للتحقيق وضرب قبل تعيينه.
كان أبناء العائلة المالكة يتجسسون على بعضهم البعض مع بدء الصراع على الخلافة شملت عملية التنصت على هواتف عدد من الأمراء البارزين. واشترى معسكر الملك عبدالله جهاز تجسس صيني يمكنه التقاط الحديث عن بعد 100 ياردة.
وكمدير لمركز الدراسات والشؤون الإعلامية غذى شكوك (م ب س) حول المنافسين المحتملين والمؤامرات. وبدأ القحطاني بتجميع ادوات إلكترونية لاستخدامها نيابة عن (م ب س). ففي حزيران (يونيو) اتصل مع مجموعة إيطالية اسمها “هاكينغ تيم” للحصول على أجهزة تجسس إلكترونية. وفي التاسع والعشرين من ذلك الشهر أرسل رسالة لمدير الفريق الإيطالي:” يرغب الديوان الملكي أن يقيم ثمة علاقة معكم وتطوير شراكة استراتيجية”. وتوصل المحققون السعوديون والأمريكيون ان القحطاني ساهم كمسؤول عن العمليات المعلوماتية في تنظيم قتل خاشقجي.
توطيد السلطة
منذ توليه السلطة قرر الملك سلمان ممارسة سياسة قوية تتعلق بالعائلة، ففي الأسبوع الأولى من حكمه أعفي نجلي الملك عبدالله مشعل وتركي من منصبيهما كأميرين لمكة والرياض، بشكل ترك جرحا لم يندمل. وعين (م ب س) الذي كان عمره 29 عاما وزيرا للدفاع. وعين محمد بن نايف وزير الداخلية والمفضل لدى( سي آي إيه) نائبا لولي للعهد. وشدد أبناء الملك سلمان من سيطرتهم في نيسان (إبريل) 2015 عندما أعفي الأمير مقرن من ولاية العهد وأصبح م ب س نائبا لولي العهد. ويقال إن الملك منح مقرن يختا وهدايا أخرى للتعويض عن خسارته. ومع أنه لم يبلغ من العمر 30 عاما فقد لقي ( م ب س) تشجيعا من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وأخيه طحنون بن زايد، مدير الاستخبارات الذي زار (م ب س) في يخته في عطل الأسبوع أثناء العام الأول لتولي الملك سلمان الملك. وعرف (م ب س ) بأنه عنيد ويحكى أنه أرسل رصاصة لمسؤول في مصلحة الأراضي رفض تمشية موضوع حسبما يريد. وكان محمد بن سلمان يريد تحديث المملكة لكنه عانى من الخوف من منافسيه، خاصة محمد بن نايف ولاحقا من الصحافي الذي خرج عن سيطرته خاشقجي. ويشير إلى تحذيرين أوليين لمخاطر (م ب س) والتي ربما غيرت رؤية المراقبين حوله. ففي إيلول (سبتمبر) 2015 سافر المبعوث الأمريكي جوزيف ويستفال إلى الرياض للقاء محمد بن نايف في جدة. وبدلا من مقابلته أخذ لمقابلة محمد بن سلمان، في تلميح خفيف أن المسؤول هو نائب ولي العهد وليس بن نايف. وفي نفس الوقت زار مسؤول في المخابرات السعودية ومستشار مقرب لبن نايف اسمه سعد الجبري واشنطن واجتمع مع جون برينان، مدير المخابرات الأمريكية. وعندما عاد جرى عزله لأنه لم يخبر بن سلمان عن الزيارة. وهو يعيش في المنفى الآن.
وكان أبناء عائلة الملك عبدالله يراقبون تحركات بن سلمان وسيطرته على مفاصل القوة. ويعرفون عدم ارتياح إدارة أوباما لنائب ولي العهد. ولهذا استشاروا شركة علاقات عامة لجمع معلومات عن دينامية العلاقات الأمريكية-السعودية. ولم يكن اللقاء سرا كما تخيل، فقد التقى الأمير تركي بن عبدالله ومستشاره عبيد في فندق فورسيزون بجورج تاون عددا من مسؤولي (سي آي إيه) والخارجية السابقين. وضم اللقاء الجنرال علي القحطاني، المستشار العسكري وحامي تركي وعدد من أبناء الملك عبدالله بمن فيهم تركي. ويقول الكاتب إنه التقى الوفد في أيار (مايو) 2016 حينه لجمع معلومات عن (م ب س). وكان تركي حذرا في كلامه حيث دعا لسياسة سعودية متوازنة ولكنه لم يدع إلى أي تغيير في الحكم. وحضر (م ب س )إلى واشنطن في حزيران (يونيو) 2016 للقاء أوباما والمسؤولين الأمريكيين. وفي ذلك الوقت كانت الإدارة محايدة. ولكن أوباما أعجب بطاقة ورؤية الامير العنيد وبعد زيارته بدأت تميل نحوه.
اختطاف
واحتفظت عائلة عبدالله بنوع من العلاقات الأجنبية خاصة في آسيا. وفي عام 2016 أصبحت هذه متشابكة مع أجندة (م ب س). ففي إيلول (سبتمبر) 2016 سافر عبيد إلى شنغهاي للتحضير لمشاركة تركي بن عبدالله في المنبر الاقتصادي الدولي الذي سيعقد قبل أيام من قمة مجموعة العشرين. وكانت خطة تركي المشاركة في المؤتمر تلميح لوجود تنافس بين العائلة. وحجز عبيد في فندق بينسيولا في باند بغرفة مترابطة مع غرفة الجنرال القحطاني. ولكن الامور بدأت تأخذ مجرى غريبا. فقد كان عبيد مبعوثا لتركي في مهمة تجارية. حيث وافق تركي على استثمار 10 ملايين دولار في صندوق تنمية اسمه “سلك رود فايننس كورب”. وعندما سافر عبيد لمتابعة الاستثمار التقى مع جون ثورتون مدير سلك رود فايننس ودعاه لعشاء ولقاء مدير المشروع الذي سيستثمر به. ودعا ثورتون مايكل كلاين المستثمر من نيويورك والذي قيل في ذلك الوقت أنه مستشار لمحمد بن سلمان وخطط بيع حصص من شركة أرامكو.
ولم يستغرق لقاء عبيد مع كلاين إلا دقائق حيث غادر بعد ذلك. وفي ذلك اللقاء حذر عبيد من بيع أرامكو لأن هذا سيضعف سيطرة العائلة المالكة واقترح على المسؤول الصيني التعامل مع السعودية من خلال عقود تجارية نفطية لتمويل مشروعهم. وكان هذا يدعو للتعاون التقليدي الذي طبع علاقة الملك عبدالله مع الصين. وقال كلاين عبر متحدث باسم إنه لم يناقش عقود نفط او خصخصة أرامكو مع عبيد. وقال ثورتون إن استمع لكلام عبيد لكنه لم يكن يعتقد أنها كانت فكرة جدية.
وفي النهاية لم يشارك تركي في المغامرة التجارية. وربما وصلت أخبار تصريحاته حول أرامكو للمسؤولين السعوديين حيث بدأ بتلقي مكالمات من أشخاص غير معروفين لم يرد عليها. وبعدها تلقى مكالمة من خالد حميدان، مدير المخابرات طالبه بالعودة حالا إلى السعودية. وقال عبيد إنه يريد استشارة رئيسه أولا. واتصل تركي نفسه بحميدان وقال “لو كان هذا طلب الملك سلمان فسآمر طارق بالعودة الآن”. وجاءه الجواب أن الطلب من “الديوان” وعندها نصح تركي عبيد بالبقاء في الصين. ودعي عبيد في 21 آب (أغسطس) لزيارة موقع مشروع سلك رود ومقابلة مديره وعرابه في العاصمة. وسافر عبيد من شنغهاي إلى بيجين على طائرة خاصة وعندما وصلت المطار هبطت في مكان بعيد وإلى جانب طائرة مكتوب عليها “اتش زد-إي تي أر”. واعتمد الكاتب في وصف ما حدث بعد على مصادر سعودية وسويسرية. وعندما خرج من الطائرة أوقفه 40 رجل أمن صينيين بلباس مدني وتحدث إليه قائدهم بالعربية: ” نحن وزارة أمن الدولة، فهل تريد التعاون؟”. واستسلم عبيد حيث غطي رأسه وجسمه بكيس محكم لم يكن قادرا على التحرك أو الرؤية بدون مساعدة. ونقل إلى مكان للتحقيق في بيجين وأجلس مقيدا على كرسي.
وقال مسؤول التحقيق الصيني أن عبيد هو ممول إرهابي يخطط للقيام بعملية ضد قمة العشرين اعتمادا على إرهابيين باكستانيين. وسأله أين يخبيء الإرهابيين الباكستانيين؟ واحتج عبيد قائلا إنه لا يعرف ما يقولون وأنهم ألقوا القبض على الرجل الخطأ. ولكنهم عرضوه لتحقيق مؤلم وطويل. ولحسن الحظ فقد كان أمن الدولة الصيني يفحص هاتفه والأي باد واكتشفوا أن المعلومات التي قدمها السعوديون لهم كانت خطأ والهدف منها إلقاء القبض عليه وترحيله. وبحسب مصدر مطلع قال مسؤول في وزارة أمن الدولة “أنظر هناك خطأ، أتصل بنا شخص من بلدك قبل هبوطك بخمس دقائق وقال إنك تمول عملية إرهابية ضد قمة العشرين” ،وقال له “إنك عالق في صراع السلطة بين أميرين قويين”. وكان المسؤولون الأمنيون الصينيون غاضبون وأعادوه إلى شنغهاي ووفروا له الحماية طوال إقامته في الصين. وفي الوقت نفسه شعر السعوديون بالغضب لإفلات عبيد من قبضتهم وأرسلوا عملاءهم للبحث في فنادق بيجين. وتلقى عبيد مكالمة من نائب مدير المخابرات عبدالله الإدريسي يأمره بالسفر إلى بيجين وركوب طائرة سعودية خاصة تنتظر نقله إلى المملكة. واتصل عبيد بتركي مرة أخرى. وبدوره اتصل بالإدريسي قائلا إن كان هذا أمر من الملك فسيحضره بنفسه. وكان رد الإدريسي غامضا حول من أصدر الأمر. وظل عبيد في شنغهاي تحت حماية أمن الدولة الصيني وكذلك القنصلية السويسرية نظرا لأنه يحمل الجواز السويسري. وحضر تركي إلى الصين في 30 آب (أغسطس) وتحدث في المؤتمر وشارك (م ب س) كذلك في قمة العشرين التي عقدت في هانغزو. وبعد ذلك كان عبيد في طائرة تركي الخاصة التي اتجهت إلى سويسرا حيث تأكد الأمن الصيني من وصوله إلى جنيف. وعولج عبيد في عيادة خاصة في جنيف بسبب ما أصابه من جروح.
انتقام
ويقول إغناطيوس إن بن سلمان تحدث في قمة العشرين عن رؤية 2030 لكنه كان غاضبا لفشل العملية. وعندما عاد إلى الرياض قام بالتحقيق في العملية وعزل الإدريسي وعين بديلا عنه أحمد عسيري، الذي عزل لاحقا في قضية خاشقجي. وأرسل السعوديون وفدا رسميا إلى الصين للاعتذار . وشرح مسؤول سعودي مقرب من( م ب س)في بيان خاص للكاتب بان المملكة كانت محرجة من الخطأ الذي ارتكبه الإدريسي والذي كان يجب أن لا يحصل”. ووصف اتهام عبيد بالإرهاب بأنه “إساءة واضحة لاستخدام السلطة من بلطجي عقيم ولكن م ب س لم يكن يرد لهذه الأمور بالتطور كما حدث”.
لم يتعلموا
إلا أن بن سلمان والمقربين منه لم يتعلموا من اخطائهم حيث بدأوا في ربيع عام 2017 بحملة ملاحقة واعتقال المعارضين واحتجازهم في مواقع سرية حسب مسؤولين أمريكيين وسعوديين عارفين بالأمر.
وشارك في العملية ما أطلق عليه “فريق النمر” والذي عمل بالترادف مع مركز الدراسات والشؤون الإعلامية الذي كان يديره القحطاني. وساعد تركي الشيخ، أحد مستشاري (م ب س) في الإشراف على السجون السرية حسب خبراء أمريكيين وسعوديين. وزاد زخم عمل المجموعة الداخلية المقربة من ولي العهد عندما بدأ في العام الماضي يخشى على حياته. ففي حزيران (يونيو) 2017 أطيح بطريقة مهينة بولي العهد محمد بن نايف. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 تمت اعتقالات الريتز والتي جاءت بعد اسبوع من زيارة كوشنر. وكان من المعتقلين أمراء بارزون. وعندما أعيد افتتاح الفندق نقل المعتقلون الجدد إلى المواقع السرية. وتبع ذلك موجة من المعتقلين والمعتقلات الذين قاتلوا من أجل حق المرأة بقيادة السيارة حيث لم يكن الأمير راغبا بأن يأخذوا الفضل منه. ولا يزال عبيد في سويسرا. وهو تحت التحقيق فيها والولايات المتحدة بتقديم أموال للصندوق السيادي الماليزي وان ( أم دي بي) ولشركة اسمها بتروسعودي انترناشونال والتي أنشأها مع الأمير تركي بن عبدالله. وهو ليس متهما بارتكاب أي خطأ.
ولي العهد محمد بن سلمان والمقربين منه لم يتعلموا من اخطائهم حيث بدأوا في ربيع عام 2017 بحملة ملاحقة واعتقال المعارضين واحتجازهم في مواقع سرية حسب مسؤولين أمريكيين وسعوديين عارفين بالأمر.
وما هو مثير حول العائلة المالكة أنها فرخت (البارانويا ) التي أدت لمقتل جمال خاشقجي. وتساءل الكاتب عن السبب الذي منع أحدا من وقف مسلسل الأخطاء؟ المحاولة الفاشلة لاختطاف عبيد في الصين المشابهة لمحاولة اختطاف خاشقجي في إسطنبول.
وفي كل حالة حاولت السعودية إسكات ناقدين معتدلين. وفي كل محاولة فاشلة حاولوا عملية سرية بأمر من نائب المخابرات الواقع تحت إمرة الديوان الملكي. وفي كل حالة حمل نائب المخابرات المسؤولية وعزل بدون وثائق عن دور (م ب س). وفي كلتا الحالتين نظمتها خلية في داخل البلاط الملكي وتحت إشراف القحطاني وليس المخابرات. وهذا أمر مطمئن لأمريكا التي ترى في حميدان وعبد العزيز الحويرني، مدير المباحث العامة كقوة استقرار. والفارق الوحيد هي أن عبيد حي يعيش في جنيف وخاشقجي ميت وجثته مجهولة. ويذكر اغتيال خاشقجي بيد صدام حسين الطويلة وملاحقته نقاده. وفي النهاية يحكم السعوديون بيد دموية وعلى أمريكا كحليف مهم للمملكة لتهدئة الاحتراب الداخلي في العائلة قبل أن يحدث ضرر على السعودية والعالم.