كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلًا عن ثلاثة مصادر مطلعة على التسجيلات التي تملكها الاستخبارات التركية أن أحد عناصر الفريق الذي قام بقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي طلب هاتفياً من احد المسؤولين السعوديين إبلاغ رئيسهم أن عملية اغتيال خاشقجي قد تمت، موضحةً أن كلمة “رئيسكم” كان المقصود بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأشارت الصحيفة الى أن المسؤولين الاستخبارتيين يرون أن التسجيلات هذه تعتبر من اقوى الادلة التي تورط ابن سلمان بقتل خاشقجي، ولفتت الى أنه على الرغم من أن ابن سلمان لم يذكر بالاسم، الا أن المسؤولين الاستخباراتيين الاميركيين يعتقدون بأن عبارة “رئيسكم” كانت اشارة الى ابن سلمان.
وقالت “نيويورك تايمز” إن المدعو ماهر عبد العزيز مترب وهو أحد عناصر فريق الاغتيال، هو الذي اجرى المكالمة الهاتفية.
وبحسب الصحيفة، أبلغ مسؤولون استخبارتيون أتراك مسؤولين أميركيين بأنهم يعتقدون أن مترب كان يتحدث مع احد معاوني ابن سلمان.
كما نقلت عن الضابط السابق لدى “الـ -CIA” المدعو “بروس ريدل” – والذي يعد من اهم الخبراء الاميركيين حول السعودية- قوله إن مثل هكذا اتصال هاتفي هو اقرب ما يكون الى الدليل القاطع ويشكل إثباتًا على التجريم.
ولفتت الصحيفة الى أن “الادلة المتزايدة” حول تورط ابن سلمان بقتل خاشقجي من المؤكد أنها ستكثف الضغوط على البيت الابيض، موضحة أن البيت الأبيض بدا انه يريد الاعتماد على غياب الاثبات عن تورط ابن سلمان من أجل الحفاظ على العلاقات مع الاخير.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين اميركيين حاليين وسابقين قولهم إن ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأمل من خلال اتخاذ بعض الخطوات الخجولة في مجال فرض العقوبات وتقليص الدعم للحرب السعودية على اليمن، بارضاء المنتقدين وبمن فيهم اعضاء الكونغرس.
وقالت الصحيفة إن “حصول الحزب الديمقراطي على غالبية مجلس النواب يزيد من الضغوط على ادارة ترامب لاتخاذ اجراءات اكثر عقابية”، مضيفةً إنه من المقرر أن يقدم المسؤولون الاستخباراتيون إحاطةً الى الكونغرس خلال الاسبوع الجاري، وتوقعت أن يضغط اعضاء الكونغرس على مديرة “الـ-CIA” جينا هاسبل كي تقدم تقييمها حول مسؤولية ابن سلمان بقتل خاشقجي.
كما تحدّثت “نيويورك تايمز” عن وجود مؤشرات على تصلب الموقف داخل الادارة الاميركية، وقالت بهذا السياق إن وزارة الخارجية الاميركية أصدرت “بيانًا قويًا” يوم الاحد الفائت جاء فيه أن وزير الخارجية الاميركي “مايك بومبيو” قال لابن سلمان خلال اتصال هاتفي إن الولايات المتحدة ستحاسب جميع المتورطين بمقتل خاشقجي.
وأردفت الصحيفة إنه “حتى من دون وجود دليل قاطع، فإن الأجهزة الاستخبارتية توصلت الى استنتاج بان ابن سلمان هو فقط من كان بإمكانه إصدار التعليمات لقتل خاشقجي، وذلك نظرًا الى مدى سيطرته على الحكم في السعودية.
كما نقلت عن المصادر قولها إن التسجيلات تُبيّن أن خاشقجي قتل بعد وقت قصير من دخوله احدى غرف القنصلية السعودية حيث كان فريق الاغتيال بانتظاره، ما يشكل دليلًا إضافيًا بأن عملية القتل كان مخططًا لها.
في سياق متصل، نقلت الصحيفة عن النائب الديمقراطي “آدم ششيف” الذي من المتوقع أن يتولى منصب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الاميركي اوائل العام المقبل، قوله إنه لا يمكن توقع أن يتحدث مرتكبو الجريمة عن الجهة التي أصدرت التعليمات بعملية قتل خاشقجي.
وبحسب الصحيفة، لا يمنع غياب الأدلة المباشرة عن تورط ابن سلمان اجهزة الاستخبارات من تحميله المسؤولية.
وأشارت الى أن التقييم الاستخباراتي هو افضل حكم حول ما حصل بناءً على الحقائق المتوفرة وخبرة المسؤولين.
كما نقلت الصحيفة عن “ششيف” تعهده بالتحقيق حول مقتل خاشقجي والنظر كذلك بنشاطات السعودية عمومًا بالشرق الاوسط، بما في ذلك الحرب على اليمن.
ووفق “نيويورك تايمز”، أكد مسؤولون اميركيون حاليون وسابقون أنهم لا يتوقعون أن يتخلى ترامب عن ابن سلمان، فيما تحدّث “ششيف” عن أن ترامب وعائلته قاموا بانشاء علاقة وطيدة جدًا مع ابن سلمان وبالتالي يعتبرون أن هذه العلاقة مسألة حيوية.
وفي الختام نقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين أن صناع السياسة الاميركيين وليس المسؤولين الاستخبارتيين، هم الذين سيحددون طبيعة العلاقات مع ابن سلمان، وأيّ عقاب يجب أن تواجهه السعودية بسبب مقتل خاشقجي.