على مدى 4 سنوات من الحرب في اليمن، لم تتوقف التحذيرات الدولية من اتساع رقعة الفقر، حتى وصلت اليوم إلى 80% من السكان، وبات التحذير حالياً من مجاعة وشيكة.
أسرة عبدالله محمد صالح، بمحافظة إب وسط اليمن، لم تعد قادرة على توفير 3 وجبات يومياً، فاكتفت بوجبتين وأحيانا واحدة، أساسها الخبز الجاف والحليب.
عبد الله (47 سنة)، يعمل موظفاً حكومياً بالمحافظة، ومنذ أكثر من عامين لم يتسلم راتبه الذي يعتمد عليه في إعالة أسرته التي تتكون من 7 أفراد بينهم 3 أطفال.
يقول عبدالله، إنهم فقدوا القدرة على مواجهة الوضع المتردي تحت وطأة الديون المتراكمة وفي ظل ارتفاع الأسعار.
محمود علي، (38 سنة) من مديرية الأزارق التابعة لمحافظة الضالع (جنوب)، يقول إن الفقر والمجاعة في منطقته بلغ حدا لم يبلغه من قبل.
ويشير إلى أن عدة أسر وصلت إلى حافة الموت جوعاً، خاصة وأن مديرية الأزارق من أكثر مديريات البلاد فقرا، وفقا لإحصائيات وبيانات حكومية ومحلية.
ويقول محمود إن نشطاء وإعلاميين زاروا المديرية سبتمبر/ أيلول الماضي، واطلعوا على أحوال المواطنين فيها، وبعدها أطلقوا حملة إعلامية واسعة لإغاثتها.
واستجابت منظمات إغاثية عدة للحملة، ورغم استفادة نحو 3 آلاف مواطن من المساعدات، فإن آلافاً غيرهم لا يزالون بحاجة للعون.
وفي محافظة حجة (شمال غرب) وثقت منظمات محلية عشرات الحالات لمواطنين يواجهون الفقر والجوع بأكل أوراق الشجر.
ووفقا لتقرير مركز الإعلام الاقتصادي (يمني غير حكومي)، فقد وصل نحو 100 شخص بينهم أطفال إلى المركز الصحي في مديرية أسلم، دفعهم الجوع لأكل أوراق الشجر.
وأشار إلى استفحال الفقر حيث بات أكثر من 22,2 مليون إنسان، من إجمالي 27,4 مليون، بحاجة إلى مساعدات عاجلة، وظهرت مؤشرات المجاعة في أكثر من محافظة.
وحسب التقرير، الصادر الشهر الماضي بعنوان “أنا جائع”، فإن ثلثي موظفي القطاع العام لم يتسلموا رواتبهم منذ عامين خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وأكد أن 40 في المئة من الأسر فقدت مصدر دخلها الرئيسي نتيجة للحرب والانكماش الاقتصادي، وارتفع معدل الفقر في البلاد إلى 80 في المئة.
من جانبه، قال يوسف سعيد أحمد، أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة عدن، إن ارتفاع معدلات الفقر إلى مستويات قياسية أمر طبيعي.
وأشار إلى التكوين الهيكلي للاقتصاد والاختلالات في المؤشرات الكلية، والتي ترتفع بشدة خلال الأزمات والحروب.
وقال سعيد، إن الاختلالات تعاظمت جراء انكماش الناتج المحلي الإجمالي الذي انعكس بدوره على تدهور القوة الشرائية للعملة بسبب بقاء العوامل على حالها.
كما تراجع الريال أمام الدولار مع ارتفاع الطلب على الأخير في أسواق النقد الأجنبي وعمليات المضاربة، وكلها أسباب قادت إلى وصول نسبة الفقر إلى 80 في المئة.
وبحسب بيانات البنك الدولي فإن الاقتصاد اليمني تدهور بشكل حاد منذ تصاعد الصراع العنيف مارس/ آذار 2015، حيث بلغ الانكماش المقدر حوالي 50% على نحو تراكمي.
وقال تقرير أصدره البنك في أكتوبر/ تشرين الماضي، إن انخفاض دخل الأسر، وتراجع فرص العمل بشكل ملحوظ، وعدم سداد الرواتب، تسببت في مزيد من المعاناة.
بدوره قال الخبير الاقتصادي مصطفى نصر، رئيس مركز الإعلام الاقتصادي، إن مؤشرات الفقر تستند إلى تقديرات المنظمات الدولية لأنه حتى الآن لا توجد إحصائيات محلية دقيقة.
وأشار إلى أن اليمن يعاني من توسع رقعة الفقر منذ فترة طويلة لكن دخول البلاد في مؤشرات المجاعة أمر خطير.
وفي اتصال هاتفي قال نصر إن مؤشرات الفقر تزداد بصورة مخيفة، رغم التدخل الإنساني من المنظمات الدولية.
وأرجع أسباب ذلك إلى تدهور سعر الريال اليمني، وعدم وجود برامج فاعلة للتعافي الاقتصادي، وعدم وصول نسبة كبيرة من هذه المساعدات إلى مستحقيها.
كما دعا نصر إلى إيجاد رؤية جديدة للتعامل مع الملف الإنساني والإغاثي، تمزج بين إعادة تأهيل الحد الأدنى من المؤسسات المحلية المعنية بخدمة المجتمع.
إلى جانب تحسين الإدارة الحكومية المتعلقة بتوفير الاحتياجات الأساسية كالمشتقات النفطية وغيرها، وضبط عملية الاستيراد.
وشدد على ضرورة التركيز على برامج تساعد السكان لتجاوز حالة الاحتياج وتهيئة بيئة مناسبة للاعتماد على أنفسهم، لا أن يظلوا متلقين سلبيين للمساعدات.
وأكد أن الملف الإنساني من أهم الجوانب التي ينبغي العمل عليها من قبل الحكومة، مطالباً بتبني خطة لتحسين إدارة هذا الملف بين الحكومة والجهات الدولية.
وأشار إلى من أنه في ظل الاهتمام الدولي باليمن فهناك فرصة في الحصول على دعم مباشر للاقتصاد، وعلينا توجيه الدعم بشكل صحيح.
ويعاني اليمن، منذ نحو 4 سنوات، من حرب بين القوات الحكومية المدعومة من السعودية من جهة، والحوثيين الذين يسيطرون على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ 2014، من جهة أخرى. (الأناضول)