زيارة مسقط.. نتنياهو الرابح الوحيد

تباينت تقديرات محللين إسرائيليين بشأن الهدف من زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، غير المعلنة لسلطنة عمان.

بعضهم ربطها بجهود استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وآخرون رأوا أنها استهدفت إيجاد قناة اتصال مع إيران، بينما اعتبر فريق ثالث أن عنوانها هو “تعميق التطبيع” مع الدولة الخليجية.

أياً كان الهدف، فإن نتنياهو استفاد من الزيارة على صعيد طموحه السياسي الداخلي، بحسب روني شاكيد، المحلل بصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.

شاكيد قال: “لا أرى تأثيرا لسلطان عمان، قابوس، على الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا أرى أية إمكانية للتقريب بين إسرائيل وإيران، وبالتالي فالمستفيد الوحيد هو نتنياهو”.

وتسود ترجيحات في إسرائيل باحتمال تبكير الانتخابات البرلمانية عن موعدها المقرر نهاية العام المقبل، إذا استمرت الخلافات بين أحزاب الائتلاف الحاكم.

ورأى أن “الزيارة مهمة جدا لنتنياهو، فبإمكانه الآن أن يقول للإسرائيليين: أنظروا.. ها هي الأبواب في الدولة العربية تفتح أمامي حتى دون أن يكون لذلك علاقة مع الفلسطينيين”.

ونشر مكتب نتنياهو، يوم الجمعة الماضي، صورا لزيارة غير معلنة قال إن نتنياهو قام بها إلى سلطنة عمان، برفقة زوجته سارة، وكان في استقبالهما السلطان قابوس.

وهذه ليست الزيارة الأولى لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إلى الدولة الخليجية، ففي عام 1994، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إسحق رابين، السلطنة.

بعدها بعامين، وقّع البلدان اتفاقا حول افتتاح متبادل لمكاتب تمثيل تجارية ظلت قائمة حتى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى) في عام 2000.

وقال شاكيد إن “العلاقة الإسرائيلية مع سلطنة عمان قائمة منذ سنوات، وهي جيدة”.

وأردف: “الزيارة بلا شك مهمة من الناحية السياسية، لكن مدى تأثيرها على تحريك المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية أو فتح علاقات سرية بين إسرائيل وإيران ما زال موضع شك”.

والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين متوقفة منذ أبريل/ نيسان 2014؛ جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان والقبول بحدود ما قبل حرب يونيو/ حزيران 1967 أساسا لحل الدولتين.

وتعتبر كل من دولة الكيان الصهيوني وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها.

وتساءل شاكيد عن سبب مرافقة سارة نتنياهو لزوجها، وظهورها في الصور وأشرطة الفيديو لزيارة مسقط غير المعلنة وغير المسبوقة منذ 1996.

ويواجه نتنياهو وزوجته اتهامات بالفساد تحقق فيها الشرطة الإسرائيلية منذ أكثر من عام.

دور السلطنة

أعرب يوني بن مناحيم، المدير السابق للأخبار في الإذاعة الإسرائيلية، عن اعتقاده بأن “عمان يمكن أن تلعب دورا في ملفين أساسيين، وهما إيران والمفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية”.

وأضاف بن مناحيم: “بطبيعة الحال، لا يمكن لمثل هكذا دور أن يتم إلا بموافقة كاملة من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب”.

وتابع: “الوجود الإيراني في سوريا يسبب قلقا كبيرا لإسرائيل.. ربما يحاول نتنياهو إيجاد قناة اتصال مع إيران بوساطة عمان، كتلك التي أوجدتها سابقا بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، ما أفضى إلى الاتفاق الإيراني- الدولي (النووي عام 2015)”.

بن مناحيم: “عمان يمكن أن تلعب دورا في ملفين أساسيين، وهما إيران والمفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية”

وأردف: “السبب الثاني هو الملف الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث أعتقد أن ترامب يواجه إشكالية كبيرة في تمرير صفقة القرن على الطرف الفلسطيني، وهو بحاجة إلى طرف عربي، ولهذا سبق الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، نتنياهو إلى سلطنة عمان، قبل أيام”.

و”صفقة القرن” هي خطة سلام أمريكية، لم تعلنها واشنطن بعد، ويتردد أنها تقوم على تقديم الفلسطينيين تنازلات مجحفة في ملفات عدة، على رأسها وضع مدينة القدس واللاجئين.

إنجاز لنتنياهو

واستطرد: “صحيح أن الاتصالات مع سلطنة عمان مستمرة منذ فترة طويلة، ولكن عقد زعيم عربي، لا تربطه علاقات رسمية مع إسرائيل، اجتماعاً مع نتنياهو، بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس،

وفي ظل استمرار الاستيطان في الضفة، والتصعيد العسكري في غزة، هو بحد ذاته إنجاز لأي زعيم إسرائيلي”.

وأضاف: “ما هو مهم أيضا بالنسبة لنتنياهو هو وجود ترحيب من عدد من الدول العربية باللقاء دون أن يكون هناك أي انتقاد على الأقل رسميا من الدول العربية”.

موقف ترامب

بارئيل: “إذا ما كان هناك شخص يستطيع أن يقنع نتنياهو ليجدد المحادثات، فهو جالس في البيت الأبيض (ترامب)، وليس على ساحل الخليج”.

المحلل في صحيفة” هآرتس” الإسرائيلية، تسفي بارئيل، استبعد من جهته صدور تسريبات من مسقط عن اللقاء.

غير أنه تابع، في مقال نشرته الصحيفة الأحد: “لكن هذا لا يقلل من أهمية الرحلة، التي تشقّ جدار عدم عقد اجتماعات عامة بين القادة العرب ورئيس الوزراء الإسرائيلي”.

ورأى أن “الزيارة قد يكون لها أحد هدفين، الأول هو إيران، والثاني هو المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، وسط ترجيح بأن تكون الكفة لصالح الموضوع الإيراني”.

ومشيراً إلى رفض مسقط إلغاء الاتفاق النووي بعد أن انسحبت منه واشنطن، قال بارئيل: “من المؤكد أن قابوس أوضح بأدب لزواره (الإسرائيليين) أنه لا ينوي تغيير موقفه بشأن إيران”.

واستدرك: “لكن من غير المرجح أن هذا هو سبب دعوة قابوس لنتنياهو، خاصة في وقت تهدد فيه الإدارة الأمريكية بقرب الإعلان عن صفقة القرن”.

وأردف بارئيل: “إذا ما كان هناك شخص يستطيع أن يقنع نتنياهو ليجدد المحادثات، فهو جالس في البيت الأبيض (ترامب)، وليس على ساحل الخليج”.

لكن المحللة في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، سمدار بيري، كتبت الأحد أن “السلطان ووزير خارجيته يريدان إعادة إسرائيل والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات، ويعملان مع واشنطن”.

ورأت أنه “يمكن للفلسطينيين مقاطعة الولايات المتحدة وترامب، لكن لا يستطيعون رفض طلب سلطان سلطنة عمان”.

تعميق التطبيع

نهاية 2017، أوقفت القيادة الفلسطينية الاتصالات السياسية مع إدارة ترامب، بعد قراره اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ثم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، في 14 مايو/ أيار الماضي.

وتصر القيادة الفلسطينية على رفض أي رعاية أمريكية منفردة للمفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، وتطالب برعاية دولية تنبثق عن مؤتمر دولي.

وبحضور نائب الرئيس الصيني، وانغ تشي-شان قي، قال نتنياهو في تل أبيب الأحد: “اعتقدنا دائما أنه لو حللنا مشكلة الفلسطينيين سيفتح هذا الأبواب أمام تحقيق السلام مع العالم العربي”.

وأضاف: “هذا صحيح لو كان بالإمكان القيام بذلك، ولكن ربما من الصحيح أكثر أنه لو انفتحنا على العالم العربي، وطبعنا العلاقات، سيقود ذلك إلى المصالحة والسلام مع الفلسطينيين”.

وفي أعقاب زيارة نتنياهو لسلطنة عمان، قال مكتبه، في بيان، إن الزيارة “تشكل خطوة ملموسة ضمن تنفيذ سياسة رئيس الوزراء لتعزيز العلاقات الإسرائيلية مع دول المنطقة، عبر إبراز الخبرات الإسرائيلية في مجالات الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد”.

وقال نفتالي بنيت، وزير التعليم الإسرائيلي، زعيم حزب “البيت اليهودي” الرافض للسلام مع الفلسطينيين، إن “زيارة نتنياهو لعمان تمثل اختراقا سياسيا مهما، وجزءاً من استراتيجية إسرائيل الإقليمية”.

وأضاف بنيت، في تغريدة على “تويتر”، مساء الجمعة الماضي، أنه “يمكن بناء العلاقات دون تنازلات إقليمية، ولكن من خلال الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة”.

وهو ما علقه عليه شاكيد بقوله: “إذا كانت الزيارة مقدمة لانفتاح أكبر من دول المنطقة، وخاصة الخليجية، على إسرائيل دون أي حراك في الملف الفلسطيني-الإسرائيلي، فإنها (الزيارة) مهمة لإسرائيل، وليس لنتنياهو فقط”. (الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *