هندرسون: قضية خاشقجي قد تؤدي إلى تهميش ابن سلمان أو عزله

نشر “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” مقالا لمدير برنامج الطاقة وسياسيات الخليج في المعهد سايمون هندرسون، تحدث فيه حول قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ومصير ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد جريمته.

وقال هندرسون إن “الطريقة التقليدية للنظر إلى السعودية تتمثل في أن العائلة المالكة تحكم بتوافق الآراء وتوخّي الحذر، من خلال اختيارها للقادة على أساس الخبرة والأقدمية، إلّا أنه تم نقض هذه الرؤية بشكل متزايد منذ تولّي الملك سلمان العرش في كانون الثاني/ يناير 2015، وظهور ابنه محمد بن سلمان، الذي أصبح ولي العهد منذ حزيران/يونيو 2017”.

وبحسب هندرسون، فقد تحوّل ابن سلمان إلى الزعيم الفعلي للسعودية، إذ بدأ بتغييرات اقتصادية (على شكل خطته المعروفة بـ”رؤية المملكة 2030″) واجتماعية (على سبيل المثال افتتاح دور السينماوإعطاء النساء الحق في قيادة السيارات) ودينية (ادعائه العودة إلى “الإسلام الأكثر اعتدالا”)، مضيفا انه “مع كل ذلك لم يَفتح ابن سلمان المجال السياسي أمام السعوديين العاديين، وقلّص بشكل كبير من دور العائلة الواسعة لآل سعود، ما أدى إلى تهميش الآلاف من الأمراء”.

وتابع هندرسون أن هيكل السلطة الواسع الذي كانت تتمتع به سابقا “يقع حاليا على عاتق رجلين، فقد أصبح الملك سلمان (82 عاما)، الذي يعاني تدهورا في حالته الصحية، مجرد ملك صوري، وإن كان ذلك ملائما من الناحية الدبلوماسية للرياض خلال أزمة جمال خاشقجي”.

وأردف قائلا: “أصبح محمد بن سلمان ولي العهد الأكثر قوة في تاريخ السعودية. فمنذ استبدال والده كوزير للدفاع قبل نحو أربع سنوات، ركز باستمرار جميع القوات العسكرية المتفرقة في المملكة تحت سيطرته. وحين قام بتنسيق استقالة ولي العهد السابق محمد بن نايف في العام الماضي، عمل على نقل قيادة وزارة الداخلية إلى أمير شاب هو ابن شقيق محمد بن نايف، في حين أضعف الهيمنة الأمنية للمؤسسة السابقة”، واضاف انه “عندما اتُّهم آخر منافس واضح للأمير، ولي العهد متعب بن عبدالله، بالفساد، واحتُجز في فندق ريتز – كارلتون في الرياض في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تم تجريده من منصبه كقائد “الحرس الوطني السعودي”، واستبدل به أحد أفراد الأسرة البعيدين عن المركز”.

هندرسو تحدث حول “الأمراء القلائل الذين تمكّنوا من الحفاظ على أهمّيتهم”، قائلا إنهم “كبار جدا أو صغار جدا في السن من أن يتمكنوا من منافسة محمد بن سلمان، الذي قام بانتظام بتهميش مجموعة من أفراد العائلة المالكة في الخمسينات والستينات من عمرهم، والذين ربما كانوا يعتبرون أنفسهم سابقا منافسين مستقبليين على العرش”.

وقال هندرسون إن الأمير أحمد بن عبد العزيز “لا يلعب أيّ دور واضح في سياسة القصر، أما الأخ الأصغر غير الشقيق للملك، الأمير مقرن، فيتميّز بسيرة ذاتية هائلة -من بينها عمله كطيار (إف 15)، وتعيينه أميرا لمنطقة حائل، ورئيسا للاستخبارات ووليا للعهد لفترة وجيزة، قبل إبعاده، لأنّ الملك سلمان رآه محسوبا إلى حد كبير على الملك الراحل عبد الله”. واضاف انه “من المحتمل أن يكون واقع كوْن والدته عشيقة مؤسس المملكة ابن سعود وليست زوجته، قد أعاق أيضا إمكانيات تسلّمه الخلافة”.

وعن الأمراء الأصغر سنا، قال هندرسون إن “من بين المشمولين بهم أبناء الملك سلمان أو الملوك السابقين وأولياء العهد”، مضيفا ان الأمير الوحيد البارز بينهم هو خالد بن سلمان، الشقيق الأصغر لمحمد بن سلمان، وطيّار “إف 15″ سابق الذي تم تعيينه سفيرا لدى الولايات المتحدة في العام الماضي، وهو في سنّ التاسعة والعشرين، وقد عاد حاليا إلى الرياض للتشاور، ومُنح بعض أبناء عمومته أدوارا من الدرجة الثانية في الوزارات والحكومات المحلية، بمن فيهم خالد بن بندر، نجل سفير السعودية السابق لدى واشنطن بندر بن سلطان، الذي يشغل حاليا منصب سفير بلاده لدى ألمانيا، التي عاد إليها مؤخرا بعد مشاكل دبلوماسية استمرّت عدة أشهر. وقد اعتُبرت هذه الخطوات على أنّها جهود لتعزيز النهج الشبابي الجديد للحكم الذي يتصوّره ولي العهد، وليس دليلا على سلطة مستقبلية للمعيّنين”.

وخلص هندرسون إلى أن “تداعيات قضية خاشقجي أثارت التكهّنات بأنّ العائلة المالكة قد ترغب في تهميش محمد بن سلمان أو عزله، بسبب أسلوبه الاستبدادي وتجاوزاته البارزة، إلا أنه لا يوجد حتى الآن دليل واضح على ذلك”، وقال : “من واقع الأحداث يبقى ولي العهد الشخص الذي يمثل مستقبل المملكة، ما يعنيأنّه إذا خرج من المنافسة على العرش في أيّ وقت قريب، فسيسبّب ذلك فراغا واضحا”، وتابع انه “كان يُعتقد في وقت ما أن احتمال حُكْم البلاد من قبل محمد بن سلمان لعقود من الزمن سيكون مصدر استقرار للمملكة، ولكنّ يبدو الآن أن هذا التصوّر سابق لأوانه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *