ولادة الحكومة على وقع تطورات إقليمية كبرى؟!

منذ عودة ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ من مشاركته في القمة الفرنكوفوينة في ​أرمينيا​، تسارعت وتيرة الإتصالات والمشاورات الهادفة إلى إنجاز التشكيلة الحكوميّة، بشكل دفع الكثير من المتابعين إلى القول أنها قد تبصر النور قبل نهاية الاسبوع الحالي.

وفي يحين يربط الكثير من المتابعين ما حصل بالقمة التي جمعت رئيس الجمهورية مع الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​، بالتزامن مع الزيارة التي كان يقوم بها الموفد الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقررات هذا المؤتمر السفير بيار دوكان، يبقى الأبرز هو التطورات المتسارعة على مستوى المنطقة، التي من الممكن أن تعيد الأمور إلى نقطة الصفر، في حال لم يتم إنجاز المهمة سريعاً.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسيّة مطلعة، عبر “النشرة”، إلى تصريح وزير الخارجية ​العراق​ية ​إبراهيم الجعفري​، من ​مطار بيروت الدولي​، الذي لفت إلى أن المنطقة مقبلة على تحولات نوعيّة وبالغة التأثير، مؤكدة أن ما تحدث عنه الجعفري دقيق جداً، لا سيما أن الأيّام المقبلة، قبل نهاية الشهر الحالي، قد تكون حاسمة في أكثر من ملفّ إقليمي، من دون تجاهل إعلان وزير ​العدل​ الأميركي ​جيف سيشنز​ أن بلاده صنّفت خمس جماعات، بينها “​حزب الله​”، باعتبارها عصابات للجريمة العابرة للحدود، لاستهدافها بتحقيقات وإجراءات قضائيّة أكثر صرامة.

وتلفت هذه المصادر إلى أن على رأس قائمة التطورات تأتي الأزمة السوريّة، لا سيّما مع إعادة فتح ​معبر نصيب​ الحدودي بين ​الأردن​ و​سوريا​، وإقتراب موعد إعادة فتح المعابر الحدوديّة بين سوريا والعراق، والتي كان قد سبقها اللقاء، على هامش إجتماعات الجمعيّة العامة للأمم المتحدة، بين وزير الخارجية السوري ​وليد المعلم​ ونظيره البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، معتبرة أن من الطبيعي أن يتأثر ​لبنان​ بما يحصل في هذه الساحة، لا سيما أن أغلب القوى المحلية مشاركة في الحرب الدائرة هناك بطريقة أو بأخرى.

في الإطار السوري نفسه، تذكر هذه المصادر أن التطورات هناك كانت من بين العراقيل، التي تم الترويج لها في الفترة السابقة، على مستوى الملفّ الحكومي، سواء بالنسبة إلى طرح تطبيع العلاقات اللبنانيّة السوريّة إنطلاقاً من معبر نصيب، أو ربطاً بالتطورات التي كانت منتظرة في ما يتعلق بالأوضاع في إدلب، قبل أن يتمّ التوقيع على إتفاق سوتشي بين الرئيسين الروسي ​فلاديمير بوتين​ والتركي ​رجب طيب أردوغان​، الذي أبعد خيار المعركة العسكرية.

بالتزامن مع هذه التطورات على الساحة السوريّة، تشير المصادر نفسها إلى التحدّيات على الساحتين الإيرانيّة-السعوديّة، فالأولى تنتظر العقوبات التي ستفرضها ​الولايات المتحدة​، في الشهر المقبل، والتي ستطال قطاع النفط بشكل أساسي، وترى أن هذا الأمر سيكون له تداعيات خطيرة في حال كانت الأضرار على ​الإقتصاد​ الإيراني كبيرة، في حين أن الثانية تواجه أزمة غير مسبوقة، على خلفيّة حادثة إختفاء الصحافي ​جمال خاشقجي​ بعد دخوله إلى قنصليّة بلاده في ​اسطنبول​، رغم التوجّه إلى “لملمة” هذه القضية بعد تدخل الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، لكن المؤكد لن تمرّ مرور الكرام، مع العلم أن البعض يربط بين هذه الأزمة وتسارع المشاورات والإتصالات الحكوميّة، نظراً إلى إنشغال ​الرياض​ عن الساحة اللبنانية.

إنطلاقاً من ذلك، تشدّد المصادر السياسيّة المطّلعة على أن الدور الأبرز في تشكيل ​الحكومة​، في حال كانت ​الولادة​ قبل نهاية الاسبوع الحالي، للفرنسي، حيث يكون ماكرون قد أمن الغطاء الدولي لرئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، الذي كان يواجه ضغوطاً سعوديّة، من دون تجاهل التحذيرات التي كانت قد أرسلتها ​باريس​ بالنسبة إلى مقررات ​مؤتمر سيدر​، وتضيف: “اليوم هناك الكثير من العوامل المساعدة لعمليّة ​تشكيل الحكومة​، لكن المطلوب إستغلالها في أسرع وقت ممكن”.

في المحصّلة، ما يحصل على مستوى ملفّ تشكيل الحكومة من تطورات، يؤكّد بما لا يقبل الشك أن العقد لم تكن محلية، على عكس ما كان يروج له بعض الأفرقاء اللبنانيين، بل هي كانت خارجية مرتبطة بما يحصل من تطورات على مستوى المنطقة بالدرجة الأولى.النشرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *