“نيويورك تايمز”: على السعودية تقديم تفسيرات بشأن اختفاء خاشقجي.. ولماذا يصمت ترامب؟

ترى صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أنه يتعين على السعودية أن تقدم للعالم تفسيرات بشأن اختفاء الصحافي المعروف جمال خاشقجي والكاتب في صحيفة “واشنطن بوست”. وكان خاشقجي قد دخل قنصلية بلاده، يوم الثلاثاء، ولم يخرج منها. إلا أن المسؤولين الأتراك توصلوا لاحتمال رهيب وهو أنه قتل وقطع على يد فريق من العملاء السعوديين.

وتعلق الصحيفة بأن هذا الإتهام الرهيب سيترك آثاراً خطيرة على السعودية وعلاقتها مع الولايات المتحدة، تركيا وبقية الدول الغربية. وقالت الصحيفة إن على تركيا أيضا أن لا تترك هذه الإتهامات الخطيرة معلقة بدون تأكيد ولا يمكن للسعودية رفضها بإنكار المرء المرتاح. وعلى الأقل يمكنها أن تستجيب للمطالب التركية وتسمح بتفتيش القنصلية في إسطنبول. وعلى الولايات المتحدة التي تبنت الأمير محمد بن سلمان، باعتباره القوة وراء العرش واجب التأكيد على تفسير صحيح وذي مصداقية.

وقال الرئيس دونالد ترامب، يوم الإثنين، إنه “قلق” بشأن القضية. وفي الوقت الحالي “لا أحد يعرف شيئاً وهناك الكثير من القصص التي يتم تداولها” ولكن لم تبد الإدارة مع ذلك أي احتجاج رسمي. وكان خاشقجي، 59 عاماً، رجلاً من داخل النظام وناقداً صريحاً له. وكان محرراً لصحيفة سعودية ومستشاراً لسفير الرياض في الولايات المتحدة وبريطانيا في مرة أخرى. وهو صحافي معروف بقدرته على تقديم تفسير عن السياسة من داخل بيئة أمراء آل سعود. وبصعود محمد بن سلمان العام الذي وعد بإصلاحات اجتماعية واقتصادية أرفقها بالقمع والإعتقالات للمعارضة والنقاد فقد تسنم خاشقجي دوراً جديداً وهو الناقد والمنفى الاختياري. وكما كتب في أول عمود له في “واشنطن بوست” “نحن لسنا معارضين للحكومة ونهتم كثيراً بالسعودية، وهي الوطن الوحيد الذي نعرفه ونريده، ومع ذلك نعتبر أعداء”. وفي الوقت الذي تم تقديم ولي العهد في الأوساط الغربية لما قام به من إصلاحات مثل منح المرأة حق قيادة السيارات والحد من سلطة الشرطة الدينية كان خاشقجي يكتب عن الإعتقالات الواسعة والمغامرات السعودية الخطيرة في الخارج.

فالحملة التي تقودها السعودية في اليمن ينظر إليها بشكل واسع على أنها جزء من حروب الوكالة التي تخوضها المملكة ضد إيران. وخلقت كارثة إنسانية وانتشار أوبئة لم تثبط من حماس ترامب وصهره مبعوث الشرق الأوسط جارد كوشنر لابن سلمان اللذين ينظران إليه كثقل ضد إيران وزبون كبير للسلاح الأمريكي.

الجانب المظلم لولي العهد السعودي كان واضحاً في تحركه ضد كندا التي حثت السلطات السعودية للإفراج عن نساء معتقلات وناشطات في مجال حقوق الإنسان واحدة منهن شقيقة مدون سجين

إلا أن الجانب المظلم لولي العهد السعودي كان واضحاً في تحركه ضد كندا التي حثت السلطات السعودية للإفراج عن نساء معتقلات وناشطات في مجال حقوق الإنسان واحدة منهن شقيقة مدون سجين. وكان رد ولي العهد مبالغ فيه للغاية حيث طرد السفير الكندي وأوقف الرحلات الجوية بين تورنتو والرياض. وكل هذا قدم مادة لقلم خاشقجي وهجومه الواضح على بن سلمان. وكان يعرف أن تحدي ولي العهد المتهور يمثل تحدياً للنقاد في داخل المملكة خاصة أن ولي العهد حاول احتكار كل ما يقال في البلاد. وكان يعرف أن الكثير من اصدقائه في السجن وبالمخاطر عندما ذهب للقنصلية حيث ترك هاتفيه مع خطيبته وأخبرها أن تطلب المساعدة إن لم يخرج منها.

وتقول الصحيفة إن إمكانية إعدامه بطريقة وحشية تظل احتمالاً، إلا أن وحشية هذا الفعل تقتضي تفسيراً. وتساءلت الصحيفة عن تردد الإدارة الأمريكية التي احتضنت واستقبلت ولي العهد بدعم المطلب التركي بتفتيش القنصلية. ورغم وصف ترامب الصحافيين “بأعداء الشعب” إلا أنه لا يستطيع تجنب اتهام حليفه بارتكاب جريمة شنيعة. ولو ثبتت هذه الاتهامات فإن الولايات المتحدة لديها خيارات مثل وقف بيع الأسلحة وتخفيض علاقتها مع السعودية. ومهما تكن هذه الإتهامات فإن اختفاء صحافي معروف بدون أثر هو فضيحة. فالصحافة تظل الأداة القوية ضد الطغيان وهي إشارة تراجيدية لزمننا الذي يتعرض فيه صحافيون شجعان للقمع والسجن والقتل فيما يتصرف الطغاة بدون خوف. ففي يوم السبت عثر على الصحافية البلغارية فيكتوريا مارينوفا مقتولة حيث كانت تحقق في الفساد في بلادها ورومانيا، وقد عذبت واغتصبت وخنقت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *