الضاحية مقابل مقر وزارة الأمن الصهيونية.. ومطار رفيق الحريري مقابل مطار بن غوريون

كتب البروفيسور والمحاضر في جامعة حيفا، أوري بار يوسف، في صحيفة هآرتس قائلا انه خلافاً لياسرعرفات، الذي في خطابه المشهور في الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين ثاني/نوفمبر عام 1974 كان يحمل مسدساً على خصره، ولكنه عرض على اسرائيل غصن الزيتون، فإن بنيامين نتنياهو خطب في الأمم المتحدة وهو يمسك في يد التهديد النووي الإيراني، وفي اليد الأخرى تهديد الصواريخ الدقيقة لحزب الله.. خلافا لهذا لم يكن لديه ما يعرضه.

وأضاف بار يوسف “من الصعب التفكير بوجود زعيم آخر في تاريخ اسرائيل، آمن بأنه بالكلام الفارغ وبالصور الملونة يستطيع أن يبعد عن اسرائيل الأخطار الحقيقية التي تواجهها.. لا يوجد أحد ممن سبق نتنياهو كان خطيباً مثله، ولكنهم جميعاَ أدركوا أنه بالكلام فقط لن يخدموا الدولة ولا أمن مواطنيها”.

ورأى الكاتب أن هذا الادعاء يسري على زعماء اليمين بالأساس: مناحم بيعن تنازل عن كل سيناء من أجل السلام مع مصر، يتسحاق شامير بدأ بالمفاوضات مع الفلسطينيين في عملية مدريد وأريئيل شارون انسحب من قطاع غزة، وتخلى عن المستوطنات اليهودية التي بنتها حكومات المعراخ.

وتابع قائلا.. حتى الفترة الأخيرة، عرضت اسرائيل سراً على جهات مختلفة في العالم، معلومات استخباراتية حساسة عن إيران ومصانع صواريخ حزب الله، من أجل دفعهم للعمل.. على حد علمنا فإنهم لم يعملوا.. ولفت إلى أن نتنياهو آمن بالتسويق كحل لكل شيء، لذا عرض المعلومات السرية في الامم المتحدة، وماذا بعد؟ هل تتوقع قيام مظاهرات جماهيرية في نيويورك، باريس ومدريد دعماً لمطالبه؟ من الواضح أن هذا لن يحصل، حيث أنه حسب رأيه ما زال العالم يعيش في عام 1938، ويرون في المصالحة مع إيران انها الطريقة لحل المشكلة.

المحاضر في جامعة حيفا أشار إلى أنه على نتنياهو أن يعرف أننا لسنا في عام 1938، وأن إيران ليست هي ألمانيا النازية، وأن حروباً كبيرة بين دول متطورة هي ظاهرة آخذة في الاختفاء، وأن اسرائيل، الدولة الأقوى في المنطقة بعيدة عن كونها في فترة يهود أوروبا العزّل عشية الكارثة.. على نتنياهو أن يعرف أيضاً، بأنه خلافاً للتهديدات الأمنية، التي واجهتها اسرائيل طوال سنوات وجودها، فانها اليوم، ليس لديها رد عسكري جيد على تهديدات مئات أو آلاف الصواريخ الثقيلة، جزء منها دقيق موجودة بيد حزب الله وموجهة نحوها.

وأضاف الكاتب “نحن لم نواجه تهديدًا كهذا في يوم ما في الماضي.. يُمكن الإعتقاد أنه في الحرب القادمة ستسقط مئات الصواريخ كهذه ليس فقط في المنشآت الاستراتيجية لإسرائيل بل أيضاً في العديد من الأبراج السكنية في تل أبيب.. “عقيدة الضاحية” تم وضعها في اسرائيل، ولكن أيضاً حزب الله يستطيع أن يطبقها، ربما تحت عنوان “عقيدة وزارة الأمن””.

ورأى أوري بار يوسف أن “المستويين السياسي والعسكري يعتبران صواريخ حزب الله تهديداً هاماً، والذي على أبعد تقدير يوجد لدينا رد جزئي عليها”.. وتابع “في الحرب القادمة فإن اسرائيل من شأنها أن تدفع الثمن الأثقل منذ عام 1948. صحيح أن حزب الله أيضاً سيدفع ثمناً باهظاً، وربما أيضاً مرسليه وداعميه في المنطقة، لكن لن يكون في هذا قليل من العزاء”.

وختم بالقول ان نتنياهو هو خبير في الإرهاب، لكن لديه أيضاً فهم في التفكير الاستراتيجي الذي تطور في فترة الحرب الباردة.. في صلبه وقف مفهوم “توازن الرعب”، والذي ارتكز على القدرة النووية.. صحيح أنه لا يوجد لدى حزب الله وفي هذه المرحلة لدى إيران أيضاً قدرة كهذه، لكن في أعقاب التطورات التكنولوجية للعقود الأخيرة، فإن إنتاج الصواريخ أرخص وأسهل مما كان عليه في الماضي وكذلك مستوى دقتها يمكن تطويره بصورة سهلة نسبياً.

ووصل إلى القول بأن النتيجة العملية هي “توازن رعب” تقليدي: “الضاحية” مقابل “مقر وزارة الأمن”، مطار رفيق الحريري مقابل مطار بن غوريون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *