ترامب يهين السعودية ويبتزّها… فهل من يردّ؟

انتفضت المملكة العربية ​السعودية​، واتخذت قرارات صارمة وتصعيدية ضد كندا منذ اسابيع قليلة لانّ السلطات الكندية طلبت تخفيف القيود عن السعوديين وتطرقت الى مسألة حقوق الانسان هناك. ومعلوم ان الرياض لا تتهاون في ما يتعلق بالمسّ بملكها او السلطة فيها، وتتّخذ خطوات قاسية بحق من يخرج عن هذا الاطار. ولكن يبدو ان المملكة تتّبع سياسة الصيف والشتاء تحت سقف واحد. فمنذ يومين، انتشر كلام صادر عن الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ شخصياً يقول فيه انه خاطب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وحثّه على دفع الاموال مقابل الحماية الاميركيّة للسعودية، وأنّه (اي الملك) لن يصمد اسبوعين من دون هذه الحماية.

هذا الكلام خطير وخطير جداً، ومليء بالمعلومات من جهة، وبالتشكيك بالسعودية وملكها تحديداً من جهة ثانية، ورغم كل ذلك، لم يصدر أيّ موقف سعودي او حتى عربي خلال اكثر من 48 ساعة، يعلّق على هذا الموقف الاميركي او يكذّبه ويدعم العاهل السعودي. قالها ترامب بالفم الملآن: نحن نحمي السعودية، وضرب بها المثل للتدليل على دول اخرى غنيّة (في الخليج وغيره) تستفيد من الحماية الاميركية انما عليها ان تدفع “الخوّة” المناسبة والا فقدت هذه الميزة، وعلى الدول المعنيّة ان تتحمّل تبعات هذا الامر.

لماذا السكوت السعودي والخليجي عن هذا الكلام؟ أليس الملك سلمان شخصياً هو المعني بذلك؟ اليس في ما صدر عن ترامب مباشرة، إهانة للمملكة؟ ماذا يعني ان الملك لن يصمد اسبوعين من دون الولايات المتحدة الاميركيّة؟ الامر لا يفسّر الا وفق شقّين فقط: اما ان التهديد لبقائه على العرش خارجي، او أنه داخلي، وفي الحالتين يحتاج الى واشنطن ليضمن بقاءه. هذا هو التفسير المنطقي والبسيط لكلام الرئيس الاميركي. ولكن، اذا كان التهديد خارجيا، فما الذي يمنع السعوديّة من الدفاع عن نفسها وهي التي تعقد صفقات بمئات المليارات من الدولارات من اجل التسلّح، وتسعى لضمان أمن دول مجاورة لها (على غرار اليمن والبحرين) فتتواجد عسكرياً فيها وبقوّة؟ وهل الامر بهذه السهولة بالفعل بحيث تسقط السعودية امام خطر خارجي خلال اسبوعين فقط، وربما اقل؟.

اما في حال كان الخطر داخلياً، فهذا يعني ان واشنطن “متغلغلة” في المملكة، وشبكة اتصالاتها واستخباراتها هي التي تحمي الملك سلمان، وبالتالي فهي تمسك بمقدّرات البلد الداخليّة، وان أيّ انقلاب او محاولة انقلاب قد تحصل، يتوجّب على الملك ان يدفع اموالاً طائلة للاميركيين لإحباطها.

قد يكون هذا الواقع معروفاً من قبل الكثيرين، ولم يتمّ البوح به لأسباب عديدة، ولكن ها هو ترامب يعلنه بلسانه وبشكل علني دون الاستعانة بأي مصدر او وسيلة ثالثة، فهل ستتمكن السعوديّة من تكذيب هذا الكلام، او على الاقل استدعاء السفير الاميركي لديها قبل اتخاذ خطوات تصعيدية سريعة؟.

لا تكفي عبارة “احب الملك سلمان” الصادرة عن ترامب في المناسبة نفسها، لإصلاح الامور، فقد ألحق الرئيس الاميركي من حيث يدري او لا يدري، اذية كبيرة بالعاهل السعودي ومن خلاله بولي العهد الامير محمد بن سلمان الذي يقوم بمهام الملك منذ فترة ويطمح للقيام بمشاريع عديدة في السعودية.

أطاح ترامب خلال لحظات قليلة، بمسيرة طويلة من التناغم والتنسيق الاميركي-السعودي، وبدا ان همّ الرئيس الاميركي الوحيد هو الحصول على الأموال وبكميّات كبيرة، دون ان يتأثّر بسقوط نظام هنا او فقدان آخر من هناك، وها هو ترامب يطفو على السطح على أنقاض “من يحب”، في انتظار معرفة الردّ السعودي على هذا الكلام…النشرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *