تسليم اس 300 لسورية.. وأسباب الهلع الاميركي الصهيوني

بعد طول انتظار سلّمت روسيا منظومة ​صواريخ​ “اس 300” الحديثة المضادة للطائرات و​الصواريخ​ إلى سورية، والتي تعتبر من المنظومات الأكثر تطوّراً القادرة على رصد وإسقاط الطائرات المعادية من مسافات بعيدة وإسقاطها وإسقاط صواريخها التي تطلقها قبل وصولها إلى أهدافها.. ويأتي تسلّم سورية لهذه المنظومة بعد تأجيل متكرّر نتيجة ضغوط أميركية «إسرائيلية» أو حسابات سياسية روسية في إدارة العلاقات وعقد تسويات مع الجانبين «الإسرائيلي» والأميركي.. لكن بعد أن تبيّن للقيادة الروسية بالتجربة عقم الرهان على احترام واشنطن و​تل أبيب​ لأيّ اتفاقات أو تفاهمات، واستطراداً عدم إمكانية المراهنة على نجاح تسويات خارج فرض تغيير جذري في موازين القوى يلجم العدوانية والغطرسة الأميركية الصهيونية، لا سيما بعد الكمين الصهيوني لطائرة «إيل 20» الروسية، والذي أدّى إلى سقوطها.. وكذلك في عدم احترام واشنطن لكلّ الاتفاقات التي توصلت إليها مع موسكو.. بعد كلّ ذلك توصلت القيادة الروسية إلى قناعة راسخة بضرورة تعزيز قوة سورية الردعية، وبالتالي كسر الحظر الذي كان مفروضاً في السابق على تزويد سورية أسلحة كاسرة للتوازن، حسب التعبير الأميركي والصهيوني، وهو أمر لم يكن منطقياً لأنّ ​الولايات المتحدة​ كانت ولا تزال تزوّد كيان العدو الصهيوني بكلّ أنواع الأسلحة المتطوّرة لديها كي تمكّنه من أن يبقى متفوّقاً عسكرياً على جميع دول المنطقة، ومواصلة اعتداءاته وتحقيق أطماعه التوسعية.. ومع ذلك فإنّ واشنطن تستمرّ في غطرستها وصلفها ويعلن وزير خارجيتها بومبيو أنّ تسليم صواريخ «أس 300» إلى سورية يشكل «تصعيداً خطيراً» على حدّ زعمه،، أما أن تسلّم بلاده طائرات «أف 35» الأحدث في الترسانة الأميركية وغيرها من الأسلحة المدمّرة فإنه لم يكن بنظره تصعيداً خطيراً..

وإذا كان من الطبيعي أن تصاب واشنطن وتل أبيب بالقلق والهلع من الخطوة الروسية النوعية فإنّ سبب ذلك إنما ينبع من الإحساس بفقدان القدرة على التمادي في الاعتداء على سورية، وإنهاء زمن التفوّق الجوي الصهيوني والأميركي، وأكثر من ذلك إنهاء آخر رهانات أميركا وأداتها كيان العدو على إعاقة عملية القضاء على ما تبقى من إرهابيين في سورية، وكذلك محاولة مقايضة انسحاب قوات الاحتلال الأميركي بالحصول على مكاسب سياسية واقتصادية في سورية أو السعي إلى تحويل منطقة شرق سورية إلى منطقة خاضعة للحماية الأميركية لتمكين قوات الحماية الكردية المدعومة أميركيا من إقامة حكم ذاتي مستقلّ عن الدولة المركزية السورية في محاولة لتكرار تجربة منطقة حظر الطيران في ​شمال العراق​ قبل غزو هذا البلد عام 2003… ولأنّ ظروف سورية مختلفة كلياً عن العراق، ولا يمكن لأميركا أن تحقق في السياسة ما عجزت عن تحقيقه في الميدان، فإنّ امتلاك ​الجيش السوري​ صواريخ «أس 300» يعزز الموقف الوطني المقاوم للقيادة السورية ويقوّي من عزمها وإصرارها القضاء على ما تبقى من قوى إرهابية وفرض عودة سيطرة ​الدولة السورية​ على كامل الأرض السورية دون تقديم أيّ تنازل عن سيادة واستقلال سورية..

أما الأمر الثاني الذي يثير هلع واشنطن وتل أبيب فهو التبدّل في موازين القوى العسكرية في الصراع العربي الصهيوني الناتج عن تسلم سورية «أس 300». فهذا السلاح يزيد من قوة الردع لدى محور المقاومة في مواجهة الاحتلال الصهيوني ويوفر قاعدة حماية للمقاومة لمواصلة حربها ضدّ الاحتلال ويضعف من قدرة العدو على شنّ الحرب ويجعله مكبّلاً أكثر من أيّ مرحلة ماضية.. فالحرب الإرهابية الكونية على سورية، التي كان يتأمّل العدو الصهيوني أن تؤدّي إلى تدمير سورية وجيشها وبالتالي تحويلها إلى دولة عميلة وتابعة له وللأميركي لأجل العمل في ما بعد للقضاء على المقاومة في لبنان وتصفية القضية ال​فلسطين​ية، أدّت إلى خروج سورية ومحورها المقاوم أقوى مما كانوا عليه، حيث الجيش السوري ازداد قدرة في خوض كلّ أشكال الحروب وأصبح أكثر بأساً وتمرّساً في ميدان القتال، وتمكّن من تطوير أسلحته وحصل على أسلحة متطوّرة جديدة من روسيا آخرها «أس 300»، أما المقاومة في لبنان فإنها هي الأخرى خرجت من الحرب في سورية أقوى مما كانت عليه وهي باتت تمتلك كلّ أنواع الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة القادرة على ضرب ايّ نقطة أو هدف في كلّ ​فلسطين المحتلة​.. مثل هذه النتيجة من الطبيعي أن تصيب المسؤولين الأميركيين والصهاينة بالهلع والقلق.. في حين أنّ تهديداتهم لم تعد تخيف أحداً، بل باتت مجرد تهديدات فارغة لا يجرؤ مطلقوها على ترجمتها إلى فعل خوفاً من أن يحصدوا هزيمة جديدة أكثر إيلاماً من هزيمة 2006 قد تقود إلى عواقب وخيمة على الوجود الاحتلالي في فلسطين المحتلة…

إنه زمن التحوّلات في موازين القوى لمصلحة محور المقاومة الناشئ من رحم انتصار سورية وحلفائها على أشرس حرب إرهابية استعمارية عرفها العالم.البناء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *