ماذا لو فعلتها اسرائيل وضربت لبنان؟

لم تأت التهديدات الاسرايئلية الاخيرة وفق مسارها الطبيعي، اي على لسان ضابط او وزير ما، اراد ان يحقق شهرة موقتة يظهر فيها وكأنه احد ابطال الحروب التي بات ال​اسرائيل​يون يتوقون الى ان يتمسكوا بمن يتطابق مع هذه المواصفات. التهديدات الاخيرة اتت على لسان رئيس الوزراء ​بنيامين نتانياهو​ ومن على منبر الامم المتحدة، وهو امر ليس بالسهل، خصوصاً وانه اتّبع الاسلوب نفسه الذي لجأ اليه منذ اشهر قليلة عندما كشف عن التجهيزات النووية الايرانية -كما ادعى- والوثائق والاقراص المدمجة التي استند اليها، ولم تقنع احداً سوى ​الادارة الاميركية​ الحالية فقط.

ولكن هذه المرة، تختلف الحالة، فمع ان ​لبنان​ يتأخر عن ايران من ناحية الجهوزية الدفاعية والاسلحة التي يملكها، الا انه بلد استراتيجي بالنسبة الى الغرب كله، والى الدول الاقليمية عموماً. ولكن ماذا لو لم تمتنع اسرائيل عن تنفيذ رغبتها المعلنة وقامت بالمغامرة المحظورة وضربت لبنان؟.

بداية، لا بد من الاشارة الى أن هذا السيناريو غير محتمل بتاتاً، لان دونه عقبات عسكرية ودبلوماسية وسياسية كبيرة وتشمل دولاً خارج منطقة الشرق الاوسط، وتحديداً الدول لكبرى. ولكن، اذا، ولسبب ما، اقدمت اسرائيل على ما لم يكن في الحسبان، فعندها ستجد نفسها امام الواقع التالي:

-لن تمر الضربة العسكرية مرور الكرام على غرار الضربات التي وجهتها منذ فترات الى ​سوريا​، فاستهداف لبنان يخرق خطوطاً حمراء وضعت منذ العام 2006 وتفاهمات بقيت ثابتة وصامدة رغم كل الظروف. والرد سيكون حتمياً، وهذا ما تدركه اسرائيل وهو ما منعها من توجيه ضربات عسكرية الى لبنان طوال الفترة الماضية، والاكتفاء بضرب اهداف موجودة على الاراضي السورية. وسيجد ​حزب الله​ نفسه امام فرصة لاثبات قدراته العسكرية مجدداً، ودحض ما يقال عن عدم جهوزيته وتراجع استعداداته بفعل المعارك التي خاضها في سوريا، اضافة الى الفرصة لتجربة الاسلحة الجديدة التي حصل عليها والتي من شأنها ان ترسو معادلات مغايرة للسابق في المعارك براً وبحراً وجواً.

-لن تكون روسيا مسرورة بأي خرق اسرائيلي جديد لنفوذها وهي ليست جاهزة للخضوع لاي اختبار اضافي، وذلك بعد مسألة سقوط الطائرة الروسية ومعها 15 جندياً روسياً، ولن تكتفي هذه المرة بتوجيه “صفعة” على اليد، بل ستعمد الى ما هو اكبر من ذلك ولن يصل حتماً الى الدخول في مواجهة عسكرية مع اسرائيل، انما قد يصل الى حد الاستعداد لكسر ميزان القوى الذي لا يزال حالياً يصبّ لصالح اسرائيل من حيث نوعية الاسلحة والتفوق الجوي. وسيكون على موسكو ان تتحرك لضبط الايقاع في المنطقة، ولافهام كل من يعنيه الامر ان وجودها في سوريا ليس من باب المعنويات، بل لتثبيت نفوذ عملت على انشائه منذ سنوات ولن تفرّط به كرمى لعيون اسرائيل او غيرها.

-لن يكون موقف اسرائيل امام المجتمع الدولي سهلاً، وبالاخص امام الاوروبيين الذين سيستاؤون من استهداف لبنان الذين عملوا على حمايته خلال السنوات الماضية من اي مشاكل امنية وعسكريّة، وقدموا الدعم للجيش اللبناني من اجل ان يقضي على الارهابيين على كافة الاراضي اللبنانية. واذا لم تحصل ادانة في مجلس الامن بسبب الفيتو الاميركي، فإن الضغط الدبلوماسي وربما الاقتصادي قد يلوح في الافق.

-ستتحمل اسرائيل مسؤولية اي خلل قد يطرأ على وضع النازحين السوريين الذين سيلوذون بالفرار الى دول قريبة من لبنان اي ​اوروبا​، مع كل ما يعنيه ذلك من مشاكل وصعوبات حاول الاوروبيون تفاديها على مدى سنوات من عمر الازمة السورية، وهو وضع لن يكون مريحاً بطبيعة الحال.

هذه عيّنة من الامور التي ستجد اسرائيل نفسها في مواجهتها اذا ما اقدمت على توجيه ضربة للبنان كما هددت، فهل سيكون بمقدورها تحمّل تداعيات هذه الخطوة؟.النشرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *