إنطلاقاً من معادلة “لا جديد لدينا على مستوى تشكيل الحكومة”، قرر أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله توجيه رسالتين مهمتين على المستوى الإقليمي، في خطابه في الحفل التأبيني لـ”والدة الشهداء” الحاجة آمنة سلامة مغنية، الأولى إلى السعودية أما الثانية فإلى إسرائيل.
في هذا السياق، كان السيد نصرالله جازماً في التأكيد بأن ليس لدى الحزب مصلحة في تعطيل تشكيل الحكومة، لا بل أظهر أن ليس لديه أي مشكلة، على المستوى الحزبي، سواء شُكلت أو لم تشكل في وقت قريب، بالرغم من حرصه على الحث على تأمين ولادتها من أجل المصلحة الوطنية.
بالعودة إلى الرسائل الإقليمية، كانت لافتة المبادرة التي تقدم بها أمين عام “حزب الله” إلى البلدان الخليجية، لا سيما المملكة العربية السعودية، التي لم يبادر إلى التصعيد بوجهها، مع العلم أنه ألمح إلى أنها من باب “إقامة الحجة”، نظراً إلى أن البعض سلموا مصيرهم إلى الولايات المتحدة، وبالتالي لم يعد لديهم من فرصة للعودة إلى الوراء، حيث دعاها إلى إيقاف الحروب في المنطقة والدخول من بوابة الإنفتاح والإيجابية، في ظل حملات الإبتزاز التي يقوم بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وعلى الرغم من أن هذه الدعوة تتماهى مع أخرى، كان قد وجهها وزير الخارجية الإيرانية محمد جود ظريف سابقاً، إلا أن قيمتها المعنوية من السيد نصرالله أكبر، لا سيما بعد أن وضع الأموال التي يطالب بها ترامب، مقابل تأمين الحماية، في إطار “الجزية”، مقارناً بين نظرة الرئيس الأميركي إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي قال أنها قادرة على السيطرة على منطقة الشرق الأوسط خلال 12 دقيقة، والتي رأى فيها السيد نصرالله تعبيراً عن “عظمتها”، وتلك التي عبر عنها ترامب تجاه السعودية، والتي أكد أنها من دون حمايته لن تستطيع الصمود. إلا أن أمين عام “حزب الله” كان حاسماً، بطريقة غير مباشرة، بأن الرياض لن تتجاوب مع هذه المبادرة، مستخدمة التعبير الشعبي: “ترامب سيأخذ الأموال وهي لحيتي”، نظراً إلى أن ترامب يتعمد “التهويل”، عبر “تعظيم” قدرات طهران، كي يصل إلى مرحلة “الإبتزاز”، عبر بيع الدول العربية والإسلامية المزيد من الأسلحة، بالإضافة إلى الحصول على المزيد من الأموال مقابل الحماية.
الرسالة الثانية، التي تعمد السيد نصرالله توجيهها، في هذه المناسبة، كانت إلى الجانب الإسرائيلي، بعد التهديدات التي كان قد أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في خطابه الأخيرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي وضعها في سياق الحرب النفسية التي تشنها تل أبيب على لبنان.
في هذا الإطار، كان أمين عام “حزب الله” واضحاً بأن الحزب غير معني في نفي كل ما يصدر عن الجانب الإسرائيلي، من ضمن سياسته المعروفة، أي “الغموض البناء”، وبالتالي هو أراد الرد على هذه الحرب بالمثل، نظراً إلى أن ليس من مصلحة الحزب تقديم معلومات “مجانية” لإسرائيل، عبر الكشف عن قدرات المقاومة أو مواقع صواريخها وأسلحتها، مع تأكيده أهمية عدم مساعدة تل أبيب في الحرب النفسية التي تشننها، وإشادته في الخطوة التي قام بها وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، لناحية الجولة التي نظمها للسفراء المعتمدين في لبنان على ملعب نادي العهد الرياضي، والتي وصفها بـ”الدبلوماسية المتقدمة في معركة الدفاع عن لبنان”، ما يعني أن الحزب لن يعمد إلى الرد أو نفي أي معلومة يعمد الإسرائيلي إلى الترويج لها في المستقبل.النشرة