انتقد المدونون الموريتانيون أمس دفاع المفتي الشيخ، أحمد المرابط ولد حبيب الرحمن، عن السعودية وإعلانه «عن تضامنه معها ضد ما قال إنها «دعاية واتهامات مغرضة وملفقة سببها قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية».
وركز عدد من كبار المدونين انتقادهم للإمام المعروف بولائه للسعودية على زعمه بأن الاتهامات والدعايات المغرضة لن تزيد المملكة إلا عزة ورفعة، وقوة ومنعة»، حيث خاطبه المدون البارز عبد الرحمن ودادي قائلًا: «يا رجل، استح واتق الله؛ كيف لك أن تقول إن «قضية خاشقجي إشاعة مغرضة؟! تزيد السعودية منعة ورفعة وقوة وعزة! أي نوع من العزة؟».
وأضاف: «أتفهم دولة عندها مصالح تجامل بسبب وديعة تخشى سحبها أو قرض أو توازنات سياسية، ولكن أن تترك الحبل على الغارب لإمام أكبر مساجدها للتزلف لحكام دولة أجنبية على أبشع جريمة في القرن فأمر زاد عن الحد، فهذا تشويه للموريتانيين جميعًا وتدنيس للعمائم».
وزاد: «الصلاة خلف هذا الرجل مساندة وتشجيع على ذبح الناس وتقطيعهم».
واعتبر محمد جميل منصور، القيادي الإسلامي البارز، في تحليل كتبه عن أبعاد اغتيال الصحافي جمال خاشقجي: «لقد بلغت أزمة اغتيال الشهيد جمال خاشقجي مبلغًا لم يعد بالإمكان أن تنتهي أو تخمد دون ثمن مؤثر على السعودية والمنطقة من حولها، ولا يبدو هذا الثمن مريحًا لحلف الثورة المضادة ومروجي صفقة القرن».
«رحم الله الشهيد جمال خاشقجي، شهيد الكلمة الحرة والرزينة والمتوازنة، الذي يبدو أن استشهاده سيكون عميق التأثير على بلاده والمنطقة من حولها».
«لم يعد هناك شك، يضيف الكاتب، في أن جمال خاشقجي قتل في القنصلية السعودية بإستنبول، وأن هذا القتل تم بصفة وحشية تجمع ما بين السادية والانتقام والتخلف، وأن فريق الاغتيال جاء من السعودية لهذه المهمة، وأن أسماء هذا الفريق ورئيسه أصبحت معروفة، وأن علاقة هذا الفريق بولي العهد محمد بن سلمان واضحة من خلال المعلومات والاتصالات والمؤشرات، ولا يبدو ممكنًا التشكيك في ذلك، ويبدو أن طرب رئيس فريق الاغتيال غلب مهارته، ولعل ذلك ما يفسر طلب مقطع الجثة بالمنشار فتح الموسيقى له وهو يمارس فعلته المنكرة».
وحول تداعيات هذا الاغتيال، أكد المفكر الإسلامي «إنها في تصاعد مستمر»، مضيفًا «أن مواقف مختلف الأطراف تزيد من حرج السعودية وتحشرها أكثر في الزاوية وتحد من الخيارات المتاحة أمامها وتجعل من الوارد تأثيرها المحتمل على مصير قيادة هذا البلد وخصوصًا ولي العهد، وشكلت حملة الانسحاب والمقاطعة لمؤتمر دافوس الصحراء المقرر قبل نهاية الشهر في الرياض مؤشرًا قويًا على هذه التداعيات؛ فاليوم تتابع وزراء اقتصاد وتجارة وخزانة فرنسا وهولندا وبريطانيا والولايات المتحدة في إعلان مقاطعة هذا المؤتمر، فضلًا عن شركات وشخصيات اقتصادية عديدة أعلنت ذلك من قبل، بل علقت أربع دول أوروبية كبيرة الزيارات السياسية للسعودية، وقد بلغت هذه التداعيات ذروتها في تصريحات ترامب مساء اليوم، والتي حملت نبرة صارمة تجاه السعودية وقيادتها، أما المنظمات الحقوقية الدولية فكانت من البداية واضحة في التنديد والصراحة والمطالبة بالعقاب الصارم».
وحول الموقف التركي، أكد منصور «السلوك التركي خلال هذه الأزمة/المأساة مهنيًا ومحاولًا تخفيف الأبعاد السياسية ما أمكن ذلك، وأبان عن صبر صعب على عمليات التحقيق المحاطة بصعوبات دبلوماسية وفنية كثيرة، واكتفى غالبًا ببعض التسريبات التي تفكك الممانعات السعودية أثناء التحقيق والتفتيش، وتضع بعض العراقيل أمام محاولات ترامب الأولية لصرف الأمر إلى قتلة مارقين؛ أما الإعلام فقد أعطى للموضوع ما يستحق، وكانت قناة الجزيرة الأبرز والأكفأ والأصبر، أعرف أن الجزيرة لا تناصر القيادة السعودية الحالية والراجح أنها لن تضيع فرصة كهذه ولكنها فعلت ذلك باحترافية كبيرة جعلت كل أو أهم وسائل الإعلام تتبعها أو تجاريها، وكان لكل من «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» دور مواز فعال أعطى للمتابعة الإعلامية بعدًا دوليًا واسعًا» .
وأضاف: «ظهر من خلال سلوك حلفاء ولي العهد محمد بن سلمان أن الأمر بالغ الحساسية، والاصطفاف فيه مؤكد الكلفة، فبيانات التضامن المصرية والإماراتية والبحرينية جاءت متأخرة زمنيًا، وفيها بعض برودة ثم قل الكلام من بعد، والحليف الأقرب لا يخفي انشغاله وربما ارتباكه، ولم يكن إلغاء زيارتي محمد بن زايد لفرنسا والأردن إلا مؤشرًا من ضمن مؤشرات أخرى، مثل سكوت دول عربية وإسلامية عديدة، من بينها حلفاء مفترضون للسعودية تنديدًا بما حصل، لأن هؤلاء لا يقدرون على الحديث، فعدم إعلان الدعم للسعودية هو إدانة لها بمنطق هؤلاء» .