كلما اقتربت الحرب السورية من وضع أوزارها، كلما ازداد الحديث عن حرب اسرائيلية تعيد خلط الاوراق التي لا يبدو انها ستكون لصالح اسرائيل. ارتفعت وتيرة الخطاب الحربي بين حزب الله واسرائيل منذ اعلان أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله عن امتلاك الحزب لصواريخ دقيقة حديثة، فردّت الحكومة الاسرائيلية على لسان رئيسها بنشر صور ومواقع لما قالت بأنها اماكن لتجميع صواريخ حزب الله قرب مطار بيروت. فهل دخلنا في زمن الحرب؟.
تستبعد مصادر مقربة من “حزب الله” أن تقوم إسرائيل بالإعتداء على لبنان لأنها تعرف تماماً أن أي حرب مقبلة مع الحزب لن تكون كسابقاتها، الا ان ذلك لا يعني تمتّعه براحة مطلقة، فاسرائيل عدو غدّار، بحسب المصادر نفسها، خصوصا وان هذه الفترة تشهد ارتفاعا لمؤشرات الحرب.
تضيف المصادر عبر “النشرة”: “لن تكون قيادة المقاومة مصدومة بحال وقعت الحرب غدا، لأنها تقرأ بتمعّن مجريات الأحداث، اذ ليس طبيعياً أن تُقدم السلطات الاسرائيلية بكافة أذرعها على تهديد حزب الله وتحديد منطقة مطار بيروت الدولي والأماكن السكنية التي يقطنها المدنيون، ونشرها امام المجتمع الدولي”، مشيرة الى أن ذلك وإن دل على شيء فيدل على أن اسرائيل تحضّر الذرائع قبل البدء بأي عمل عسكري، دون تحديد حجمه، لتكون أمام المجتمع الدولي بريئة، ويكون حزب الله هو المخطئ باختبائه في المناطق المدنيّة واستعماله مرافق الدولة اللبنانية للتغطية.
في التحليل يمكن اعتبار كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أن ضرب مطار بيروت الدولي هو ضرب للمواثيق الدوليّة، أكبر دليل على أن الضربة الاسرائيلية باتت أكيدة، ولكن ماذا إن وقعت الحرب؟ وما هو الفرق بين حرب تموز والحرب المقبلة؟.
حسب هذه المصادر، فالفرق يبدأ أولا في الطريقة. اسرائيل في حرب 2006 وفي حروبها مع غزّة اعتمدت على استراتيجية “هنيبعل” في عملياتها العسكريّة وهي استراتيجية تعتمد بشكل كبير على القوات البريّة التي تقتحم من البرّ بمساندة الضربات الجويّة التي تعتمد تكتيك الأرض المحروقة، إلا أن هذا التكتيك أثبت فشله في حرب تموز وفي حروب غزّة. من هنا ترجّح المصادر أن تعتمد اسرائيل تكتيكاً مقارباً للتكتيك الأميركي في حرب كوسوفو، والذي يعتمد بشكل أساسي على سرب الطيران في ضرب أهداف عسكريّة، وفي هذه الحالة تصيب في حزب الله “مقتلا”، الى جانب اغتيال أبرز قادته (وهذا من شروط نجاح التكتيك) دون الحاجة لاستخدام القوات البرية.
الا ان المصادر تعتبر أن هذا الحلّ أيضاً سيكون عقيما ضد حزب الله، لأنه بات يمتلك نظام دفاع جوي قد يشلّ حركة الطائرات الاسرائيليّة، اضافة للصواريخ الذكيّة التي تستطيع أن تضرب المطارات في اسرائيل، ما يعيق حركة اقلاع وهبوط الطائرات الحربيّة. وتضيف: “انطلاقا من مبدأ ربّ ضارّة نافعة، يمكن القول أن ضعف البنى التحتية اللبنانيّة نقطة قوة للبنان بوجه اسرائيل، حيث يمكن لعدّة صواريخ ان تشلّ الحياة في تلّ أبيب عبر استهداف معامل الكهرباء والموانئ، اضافة للمصانع ومعامل الأمونياك والنفط”، مشيرة الى انه اذا تمكن حزب الله من ضرب هذه الاهداف “المعروفة جغرافيا لقيادته” فتكون اسرائيل قد ضُربت في مقتل وليس العكس.
وتكشف المصادر أن ما يجب ان تعلمه اسرائيل هو أن فتحها لحرب ضد لبنان سيفتح أكثر من جبهة ضدها، وهذا ما كان أشار اليه السيد نصر الله سابقا، ما يجعل عملية التركيز على جهة واحدة صعب للغاية.
من هنا ترى المصادر أن افتعال اسرائيل لضربة على لبنان سيكون ضربا من الجنون، كما أنها لا تتبنّى فكرة “الضربة بضربة” (أي تكتفي اسرائيل بضرب مركز لحزب الله في لبنان على أن يردّ الحزب بمثلها داخل اسرائيل) لأن قواعد الاشتباك حالياً بين الطرفين باتت أكبر من ذلك وتتخطّى هذا الاحتمال. وبالتالي، ترجّح المصادر أن تبحث اسرائيل عن مكان آخر لتنفيس غضبها، بعد صعوبة التحرك في الاجواء السوريّة المغلقة، على أن يكون هذا المكان هو العراق عبر ضرب مراكز لقوّات حليفة لإيران والحزب، عبر استعمال ذرائع مختلقة.
في الخلاصة، لا يتوقف حزب الله عن تحضير أرضيّة المواجهة لأي عمل عدواني اسرائيلي، رغم صعوبة وقوع الحرب حاليا.النشرة