في تطور مفاجئ، شهدت العملة الإيرانية انتعاشاً كبيراً بعد أشهر من نزيف حاد أصاب الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي. فبعد أن وصل سعر صرف الدولار في إيران منذ يومين إلى 180 ألف ريال إيراني، تفاجأ الإيرانيون بارتفاع قيمة الريال مقابل الدولار في الأسواق المالية ليصل إلى 70 ألف ريال، ما دفعهم للنزول إلى الأسواق الماليّة لتصريف الدولار إلى الريال ما سيؤدي إلى انتعاش اضافي في العملة الوطنية.
هذا التحسن القياسي بسعر الريال الإيراني يأتي بعد حدثين أساسيين شهدتهما إيران. الأول كان الهجوم الإرهابي الذي استهدف عرضاً عسكرياً في الأهواز، والثاني كان الجولات واللقاءات التي قام بها كل من رئيس الجمهورية حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف في الأمم المتحدة مع رؤساء وممثلي الدول الأوروبية. كما يأتي هذا الحدث قبل شهر من بدء المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية على إيران.
إعتقالات وإقالات كثيرة أقدمت عليها الحكومة الإيرانية بعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي الإيراني في أيار من هذا العام. كلها خطوات جاءت لمواجهة أي انهيار اقتصادي محتمل. فكيف نجت طهران من الأزمة الإقتصادية وكيف تمكنت من انقاذ عملتها الوطنية؟.
الخطة نجحت!
يوضح الباحث الإيراني حسن هاني زاده، في حديث مع “النشرة”، أن “السلطات الإيرانية ومع بداية تدهور العملة، اتخذت خططاً مالية واقتصادية لمنع تفاقم هذه الأزمة ولتحسين وضع الريال الإيراني أمام الدولار الأميركي”، لافتاً إلى أن “ما حصل خلال الـ48 ساعة الماضية من تدهور للدولار أمام الريال يدل على أن الخطط الإقتصادية الايرانية كانت ناجحة جداً”.
أما عن الخطوات المستقبليّة، فيكشف هاني زاده أن “الحكومة الإيرانية بصدد استبدال الدولار في التعاملات الداخلية الإيرانية باليورو، وصولاً لمرحلة يصبح فيها الدولار دون قيمة في التعاملات الداخليّة”، لافتاً إلى أن “الهدف هو تحويل الدولار داخل إيران إلى ورقة ساقطة لا قيمة لها في الأسواق الإيرانيّة”، مشددا على أن “الأيام المقبلة ستشهد تدهوراً إضافياً في سعر الدولار”.
نجاح الدبلوماسية الإيرانية
يظهر جلياً، بعد متابعة الاجتماعات مع ممثلي الدول الأوروبية في الأمم المتحدة، أن صورة العلاقات الدولية المقبلة لإيران قد تم رسمها من قبل روحاني وظريف. في هذا السياق، يؤكد الباحث الإيراني أن “هذه الجمعية العامة شهدت مفاوضات بين وزير الخارجية الإيراني ونظرائه الأوروبيين، أدّت إلى ولادة قرارات مالية واقتصادية ومصرفية من الدول الاوروبية جيّدة بحق إيران”، لافتاً إلى أن “المصارف الأوروبيّة ستفتح المجال أمام التبادل التجاري مع إيران في خطة إلتفافية على العقوبات الأميركية، وذلك تزامناً مع بدء استخدام اليورو رسمياً في التعاملات الداخلية الإيرانيّة ما سيؤدي إلى انهيار اضافي للدولار أمام الريال”.
وبما يخص المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية، يؤكد هاني زاده أنها “أحادية الجانب ورغم معاناة طهران منها إلا أن التعاون التجاري المنتظر مع الاتحاد الاوروبي، اضافة للانفتاح على أسواق شرق وجنوب شرق آسيا كالصين والهند اضافة لروسيا وتركيا سيؤدّي إلى تنويع التبادلات التجارية وبالتالي تلافي العقوبات”.
رغم أشهر من الضغوطات الماليّة التي عاشها الإيرانيون نتيجة السياسات الأميركية، ورغم كل محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لكسر ذراع إيران، نجحت السلطات الإيرانية في اعادة المياه إلى مجاريها اقتصادياً. فهل ستبقى طهران صامدة بعد الدفعة الثانية من العقوبات المنتظرة؟.النشرة