أكدت منظمات دولية غير حكومية عاملة في موريتانيا أمس «أن نقص الأمطار الحاد الذي عرفته موريتانيا في الخريف الماضي قد يعرض أكثر من 400 ألف شخص لمجاعة حادة». وأكدت منظمة «أرض الرجال» الفرنسية في تقرير لها «أن خطر المجاعة يتركز على مستوى مثلث الفقر الواقع وسط البلاد وعلى مستوى المناطق النوبية الشرقية».
وتعود هذه الكارثة لعجز حاد في الأمطار هذه السنة.
وذكرت المنظمة «أن 51 ألف طفل في العاصمة نواكشوط، تتراوح أعمارهم بين 0 وخمس سنوات يعانون سوء التغذية، وهو ما يبلغ نسبة 30 بالمئة.
وانتشرت ظاهرة سوء التغذية في موريتانيا السنوات الأخيرة بسبب تتالي سنوات الجفاف».
وأعلنت السلطات الموريتانية عن تخصيص برنامج استعجالي لمساعدة المتضررين بمبلغ 41 مليار أوقية موريتانية (حوالي 160 مليون دولار)، غير أن حجم الكارثة أوسع مما كان متوقعا.
وأكدت عيشا سي، منسقة شبكة المنظمات غير الحكومية في موريتانيا، «أن هناك جيوب فقر بشعة جدا ناجمة عن تأخر الأمطار في الموسم الأخير، وهو ما سينعكس سلبا على معاش المواطنين في الداخل».
وكان برنامج الغذاء العالمي، قد حذر مؤخرا من كارثة إنسانية، مشيرا إلى أن العجز الكبير في الأمطار جعل موريتانيا شأنها دول الساحل الأخرى، تتعرض لأخطر موسم جفاف عرفته في تاريخها.
ودعت الشبكة الموريتانية للمنظمات غير الحكومية، الناشطة في مجال الأمن الغذائي، السلطات الحكومية إلى الإسراع في تنفيذ خطة استعجالية شاملة لمواجهة مجاعة غير مسبوقة، يعانيها الآلاف، ولتدارك ما تبقى من الثروة الحيوانية الموريتانية التي يعتمد عليها 80% من السكان، وتواجه منذ أشهر انعداماً حاداً للمراعي بسبب نقص الأمطار والأعلاف وغلاء أسعارها.
وكشفت الشبكة الموريتانية، أن موسم الأمطار لعامي 2017/2018 قد تميز بعجز كبير مقارنة مع الموسم الطبيعي، حيث بلغ العجز السنة الحالية نسبة 52% مقارنة مع العام الماضي، ونسبة 39% مقارنة مع السنوات الطبيعية (1981-2010).
ونجم عن هذا العجز نقص حاد في المراعي في المناطق ذات الكثافة الحيوانية، فضلا عن محدودية نقاط الماء بفعل ندرة المياه الجوفية ونضوب الآبار.
وأوضح تقرير برنامج الغذاء العالمي أن «كارثة الجفاف» في موريتانيا ترجع إلى ضعف الأمطار وسوء توزيعها، وتأثيرها الكبير على الإنتاج الزراعي والرعوي، وتعريض السكان للهشاشة والضعف والأمراض وسوء الغذاء.
وأكد البرنامج العالمي أنه يعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من السكان ومن أجل توفير الغذاء خلال هذه الفترة الحرجة، التي تتطلب تضافرا سريعا لجهود الحكومة وشركاء موريتانيا، وأن ما يقوم به برنامج الغذاء العالمي تكميل لجهود الحكومة وللمنظمات الإنسانية لمواجهة الكارثة.
وعرفت موريتانيا أسوأ موجة جفاف عبر تاريخها نهاية ستينيات القرن الماضي، إذ تسببت في نزوح آلاف السكان من الأوساط القروية إلى المدن، كما عرفت منتصف الثمانينيات موجة جفاف قاسية أخرى تسببت في العديد من المشاكل الاقتصادية والمعيشية للسكان. وتقدر الثروة الحيوانية في موريتانيا بنحو 16.4 مليون رأس من الضأن والماعز و1.4 مليون رأس من الأبقار و1.4 مليون رأس من الإبل، وتسهم بشكل رئيس في الاقتصاد المحلي، كما توفر عددا هاماً من فرص العمل.