كشف الباحث الأميركي سيت أنزيسكا، صاحب كتاب “تغييب فلسطين، التاريخ السياسي من كامب ديفيد إلى أوسلو” الصادر أخيراً عن جامعة برينستون في الولايات المتحدة، وثائق شديدة الأهمية تتحدّث عن الاجتياح الصّهيوني للبنان عام 1982، ومجازر صبرا وشاتيلا.
هذه الوثائق جزء من الملحقات السّرية لتقرير لجنة كاهان الصهيونية المكلفة التحقيق في المجزرة. وتضم الوثائق محاضر اجتماعات بين قيادات العدو الصهيوني وقيادتي القوات اللبنانية وحزب الكتائب. الوثائق تُظهر أن المجزرة لم تكن “ردّ فعل فوري”، بل كانت أمرا مدبّرا في سياقٍ عسكري وسياسي.
وفي هذا الإطار، وردت في الكتاب إحدى الوثائق تحت الرقم «851398»، تؤكد أن زعيم حزب الكتائب اللبنانية بشير الجميل، قد استأذن وزير الحرب حيينها آرييل شارون جرف مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وفي هذا الخصوص، عُقد اجتماع بين شارون والجميّل في المركز الرئيسي للقوات اللبنانية في بيروت، 8 تموز 1982، وحضره عن الجانب الصهيوني شارون، الجنرال يريف، الجنرال تامير، يوري دان، ممثل الموساد، وأما عن الجانب اللبناني كل من مدير عام وزارة الخارجية، بشير، جان نادر، وزير الإعمار اللبناني، إيلي حبيقة.
وبعد الإجتماع المذكور، دوّن ممثّل الموساد المحادثة كاملة، ووردت على الشكل التالي:
1. تحدث بشير عن اجتماع مثير للإعجاب عقده للتو مع وفد من كبار الشخصيات المسلمة من صيدا وغيرها.
2. كرر وزير “الدفاع” (شارون) موقفنا في ما يتعلق بالتسوية السياسية: اعتراض على مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية وأي حضور عسكري، إلخ. أما في ما يتعلق بالقوة المتعددة الأطراف، فقد اعترض وزير “الدفاع” على اقتراح بشير وجوني عبده القاضي بنسف الفكرة كاملة المتعلّقة بإدخال القوة. خطوة مماثلة يمكن أن تهدد العملية السياسية بالكامل، وبينما خلقت هذه العملية العديد من المشاكل، إلا أن ما يهمّنا هو أنها مفضّلة على العمل العسكري. في الوقت ذاته، سنكون مسرورين إذا ما انسحب الفرنسيون من القوة. نحن، مع ذلك، لا نعارض فكرة قوة متعددة الجنسيات. ربّما تسمح بطرد عدة آلاف من الإرهابيين من بيروت، الأمر الذي له أهمية قصوى.
3. وزير “الدفاع” أوضح لبشير ما يجب القيام به إذا ما فشلت العملية السياسية أو نجحت. في كلّ من هذين الاحتمالين سيكون لبشير دور أساسي يلعبه. على كل حال، من المهم أن تدخل (الكتائب) إلى أكثر عمق ممكن إلى المناطق السنية، في رأس بيروت من أجل توحيد هذا القطاع مع شرق المدينة، وعزل الجزء الجنوبي حيث تقع المخيّمات. شدد وزير “الدفاع” على أنه في حال فشل حبيب، فسيتصرّف. لن ننسحب ما دام الإرهابيون موجودين في المكان.
4. استفسر بشير عمّا إذا كنّا سنعارض استقدام جرّافات إلى مخيّمات اللجوء في الجنوب بهدف إزالتها، كي لا يبقى اللاجئون في المكان. أجاب وزير “الدفاع” بأن هذا ليس شأننا: نحن لا نرغب في التعامل مع الشؤون الداخلية اللبنانية.
5. أعرب وزير “الدفاع” عن أمله بأنه بعد إنشاء حكومة قوية في لبنان، سيجري التوصّل إلى اتفاق سلام. في هذا الوقت، على الرغم من أنه لا توجد علاقات مع الأردن، إلا أن أكثر من 1.2 (مليون) شخص عبروا الجسرين خلال العام الماضي. سأل ما إذا كان يجب وضع ترتيب مماثل في ما يتعلق بلبنان – حركة للسكان في الاتجاهين بين “إسرائيل” ولبنان يمكن أن تخلق الزخم للسلام. بشير نقل دعمه، في المبدأ، لهذه الفكرة وجرى الاتفاق على أنه سيجري تفحّصها.
كما كشفت الوثائق عن اجتماع بين رئيس “Tevel” (مسؤول درزي) وجوزيف أبو خليل (قيادي كتائبي)، فادي أفرام (قائد ميليشيات القوات اللبنانية وصهر بشير) وأنطوان نجم قيادي كتائبي)، 12 تشرين الأول 1982، سلّم رئيس «Tevel» طلباً محدداً من قبل وزير الدفاع (شارون) إلى فادي أفرام ، ليأمر أتباعه بوقف الهجوم على الدروز في منطقة عاليه.
شدّد رئيس “Teve” في حديثه إلى فادي على أن قوات “جيش الدفاع الإسرائيلي” موجودة في المنطقة وستدافع عن العائلات (…)، وبالتالي لا ينبغي عليهم تسخين الأجواء.
يشار الى أن هذه الملاحظات جرى تقديمها أيضاً من قبل فؤاد أبو ناضر، رئيس الأركان الجديد في “القوات اللبنانية” بعد فادي أفرام.