كتيبة عسكرية موريتانية مدججة بالسلاح تنتشر في منطقة كيدال شمال مالي

ينشغل مراقبو منطقة الساحل منذ أمس بخبر نشره موقع «أفريك خبارو» يتعلق بانتشار كتيبة موريتانية مدججة بالسلاح قرب مدينة كيدال شمال مالي. ولم يعلن الجيش الموريتاني عن انتشار هذه الكتيبة، كما لم تعلن عنها قيادة أركان قوة مجموعة دول الساحل الخمس.
وأكد موقع «أفريك خبارو» في تقرير عن انتشار هذه الكتيبة «أن 15 سيارة عسكرية موريتانية مدججة بالسلاح وصلت إلى مدينة كيدال تحرسها خمس سيارات عسكرية تابعة لتنسيقية الحركات في أزواد».
وأوضح الموقع أن قائد هذه الكتيبة هو العقيد أحمد محمد عبدي، مشيرا إلى أنها وصلت إلى كيدال محمولة عبر الجو.
وتحدثت مصادر صحافية مالية عن اجتماع عقد بين قائد الكتيبة الموريتانية وقيادة لواء برخان الفرنسي وقائد القوات التابعة لتنسيقية الحركات الأزوادية.
وأخفت الكتيبة جميع ما يدل على أنها موريتانية، حيث نزعت أرقام السيارات والأعلام والزي العسكري الموريتاني. وأكدت مصادر محلية أزوادية «أن الكتيبة الموريتانية ستتمركز في قرية السوق على بعد 45 كلم شمال كيدال في منطقة آدارار إفوغاس».
وأكد والي ولاية كيدال المالية «أنه لم يجر استدعاؤه ولا استئذانه بخصوص انتشار الكتيبة العسكرية الموريتانية».
ويعتقد المراقبون أن الرئيس إبراهيم كيتا قد قرر إطلاق يد الرئيس الموريتاني في الشمال المالي، حيث أظهر جيش مالي عجزا كبيرا في السيطرة على المنطقة.
وأدرج المراقبون زيارة الرئيس المالي لنواكشوط قبل أسبوعين ضمن الترتيب للتدخل العسكري الموريتاني في شمال مالي.
وتحتاج هذه المعلومات لأخرى نظيرة تدحضها أو تعززها، لا تتوفر إلا لدى المعنيين المباشرين بالموضوع، كالجيش الموريتاني ومنسقية الحركات الأزوادية.
وفي تعليق على هذا الخبر، أكد محمد محمود أبو المعالي الخبير في قضايا منطقة الساحل «أن الهدف من نشر هذا الخبر هو اتهام الرئيس المالي إبراهيم ببكر كيتا بعقد صفقة يتخلى بموجبها عن جزء من التراب المالي، تمهيدا لتقسيم البلاد، مقابل مساعدة موريتانيا له في الفوز بمأمورية جديدة».
وأضاف أبو المعالي «لو أن هذا الانتشار المفترض في المنطقة الغربية لإقليم أزواد التابعة لمدينة تيمبكتو كمنطقة «ازباره» أو «لرنب» أو «ازويرة»، أو حتى «بير» و«أروان» و«بواجبيه» و«قصر الشيخ» وغيرها من الأماكن، لأمكن تفهم الأبعاد الاستراتيجية له، فتلك المنطقة تتصل بالحدود مع موريتانيا بشكل مباشر، بخلاف منطقة آدرار الإيفوغاس التي تحاذي الحدود مع الجزائر والنيجر، كما أنها (أي المنطقة الغربية لأزواد) موطن لقبائل عربية (بيظان) لها ارتباطات اجتماعية وتاريخية مع موريتانيا، ومن السهل التمويه والاندماج فيها بالنسبة للقوات الموريتانية نظرا لاشتراك ساكنتها مع معظم الجنود الموريتانية في اللسان واللباس والعادات، بل إنه من الممكن إرسال جنود موريتانيين من أبناء تلك القبائل ذات الامتداد داخل موريتانيا».
وذكر الخبير «أن موريتانيا حين عرض عليها بداية عام 2013 إبان التدخل الفرنسي الأفريقي في مالي، أن ترسل قواتها إلى منطقة غاو، رفضت ذلك بحجة عدم وجود حدود مشتركة بين منطقة غاو والأراضي الموريتانية تؤمن لها خطوط إمداد سريعة وآمنة».
وقال «أما أن تختار الكتيبة الموريتانية منطقة أدرار الإيفوغاس، حيث القبائل الطوارقية، وحيث يتضاءل عدد الناطقين بالحسانية مقابل انتشار لغة التماشق (الطارقية) التي يتحدثها السكان المحليون، وحيث النفوذ الجزائري التقليدي في قبائل الإيفوغاس والإيدنان وشمانامس وادوسحاق وإيمغاد، وحيث تنتشر جماعة «أنصار الدين»، وهي فصيل جهادي مكون من مقاتلين من قبائل الإيفوغاس تحت قيادة «إياد أغ غالي»، لم يعرف عنهم عداء سابق لموريتانيا، ولم يشاركوا في أي عمل ضدها، واتسمت علاقتهم معها بالهدوء وعدم التعرض، وحيث تبعد المنطقة مئات الكيلومترات عن الحدود الموريتانية، ويقطع طريق الإمداد دونها مسلحو إمارة الصحراء المنتشرون في شمال تيمبكتو، فإن الأمر يثير من الأسئلة ما يستحق أن نتوقف عنده قبل أن ننتهي من قراءة المقال المذكور».
وتساءل أبو المعالي قائلا «هل من منطق الأمور أن تتخلى موريتانيا عن موقفها الرافض للتدخل في شمال مالي، دون مستجدات تبرر ذلك؟ ثم حين تقرر التدخل تختار أسوأ منطقة بالنسبة لها يمكن أن تنتشر فيها قواتها، حيث تبعد عن حدودها مئات الكيلومترات، وتنتشر فيها قوات تابعة للحركات الأزوادية خصوصا «المجلس الأعلى لوحدة أزواد»، و«الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، وجلهم إن لم يكن كلهم مقاتلون من قبائل الطوارق، يحول حاجز اللغة بينهم وبين القوات الموريتانية الساعية للاندماج فيهم، كما يقول كاتب الخبر، أما العدو المفترض فيها فهو «جماعة أنصار الدين» ذات الحاضنة الشعبية المحلية التي لم ترفع يوما سلاحا في وجه الجيش الموريتاني ولم يسبق لها الاحتكاك به».
«وهل يعقل أن تتجاوز القوات الموريتانية»، يضيف الخبير، «خصومها التقليديين من كتائب وسرايا تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، لتحارب «جماعة أنصار الدين» ذات الأهداف المحلية البعيدة عن المصالح الموريتانية؟ وهل يعقل أن تقفز أطماع موريتانيا التوسعية المزعومة، تجاه مالي إلى منطقة آدرار الإيفوغاس وتتجاهل المناطق القريبة منها جغرافيا واجتماعيا وتاريخيا؟».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *