السعودية تعرض وساطة متأخرة بين إثيوبيا وإريتريا بحثاً عن إنجاز بإسمها

أثارت الوساطة «المتأخرة والشكلية» للسعودية بين إثيوبيا وإريتريا العديد من التساؤلات، فبعد أن وقّع رئيس الوزراء الأثيوبي أبيي أحمد ورئيس أريتريا أسياس أفورقي إعلاناً حول السلام في تموز/يوليو أنهى رسمياً عقدين من العداء، وبعد أن أعاد البلدان، الثلاثاء الماضي، فتح الحدود البرّية للمرة الأولى منذ 20 عاماً، وسبق ذلك استئناف الرحلات بين البلدين، وقّع زعيما البلدين في مدينة جدة السعودية، الأحد، اتفاقية سلام إضافية، بدا واضحاً، حسب ملاحظين ، أنها ظهرت شكلاً ومضموناً، وكأنها مناسبة استعراضية فقط لإبراز الدور السعودي.
وذهب مراقبون إلى تفسيرها على أنها محاولة من المملكة للبحث عن أي أنجاز لربط إسمها به في خضم سلسلة النكسات والفشل الذي يلاحقها في الملفات الداخلية مثل الاعتقالات المهينة التي لم يسلم منها حتى أمراء من الأسرة الحاكمة، وفي الملفات الخارجية مثل التورط في حرب اليمن، وحصار قطر.
وجرى التوقيع على «اتفاقية جدة للسلام» بحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي قلّد زعيمَي البلدين قلادة الملك عبد العزيز في تكريم كبير لهما. ويرى مراقبون أن زعيمي البلدين وبقبولهما الظهور في هذا التوقيع «الاستعراضي» يكونان قد استفادا بالتأكيد من مساعدات مالية سعودية سخية.
وحضر التوقيع كذلك ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ووزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان.
وبدا لافتاً هنا غياب ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد، الذي يعتبر الحاكم الفعلي للإمارات، التي لعبت دوراً مالياً وسياسياً في إقناع إثيوبيا خاصة بالتقارب مع إريتريا. وذكرت مصادر إعلامية أنها دفعت 3 مليارات دولار لأديس أبابا من أجل تقديم تنازلات والقبول بقرار للجنة التحكيم الدولية بإعادة أراض متنازع عليها لإريتريا، التي استقلت عنها في بداية التسعينيات.
واندلعت الحرب في وقت لاحق بسبب نزاع حدودي. وحاولت الأمم المتحدة ترسيم الحدود عام 2002 لتسوية النزاع نهائياً، لكنّ إثيوبيا رفضت.
وبدأ التحوّل الاثيوبي في حزيران/يونيو الماضي عندما أعلن رئيس الوزراء أبيي أنّ بلاده ستُعيد إلى أريتريا المناطق المتنازع عليها وضمنها مدينة بادمي حيث بدأت الحرب الحدودية.
وفي المقابل دفعت الإمارات حليفتها الوثيقة إريتريا كذلك إلى تسهيل التقارب، وقد انفقت الإمارات على مدى سنوات مليارات الدولارات لكسب ود إريتريا ورئيسها أفورقي.
وتملك الإمارات قاعدة عسكرية في ميناء عصب الاستراتيجي في أريتريا، في إطار سياسة استراتيجية الأمد للإمارات لتوسيع نفوذها في القرن الأفريقي.
واللافت بحسب مراقبين أنه إذا كانت للإمارات استراتيجية معلنة وخفية تحاول إظهار أنها تدور في فلك المصلحة المشتركة مع السعودية، بل وتحاول أن تعطي انطباعاً بأن الرياض هي من في القيادة، غير أن شواهد عدة تظهر أن الإمارات تلعب «لعبة مزدوجة» في تطويق السعودية في جميع الجبهات، فبرغم انها إسمياً في تحالف واحد في اليمن، تقوده السعودية إلا أن لها أجندتها الخاصة الانفصالية في جنوب اليمن، فيما تركت السعودية كرة ملتهبة في الشمال مع الحوثيين. وفيما تتمدد الإمارات في البحر الأحمر، وتحاول لعب دور «القوة الجيواستراتيجية الكبرى» في الساحة الخلفية المفروض أنها للرياض، يغرق ملك السعودية وولي عهده في المشاكل الداخلية والخارجية.
وإلى جانب الإمارات، تذهب مصادر مطلعة للقول إن إسرائيل الحليف الوثيق الآخر لرئيس ارتيريا أسياس أفورقي، لعبت دوراً في حثه على القبول بلعب هذا الدور في هذا «السيناريو الاستعراضي السعودي».
ويزور رئيس ارتيريا بصفة منتظمة إسرائيل، حيث يتلقى العلاج في مستشفياتها.
من جهة أخرى أثيرت التساؤلات حول موقف مصر المعنية «استراتيجيا» بالأمر. وفيما اعتبر ملاحظون في مصر أن القاهرة وبالحسابات الوطنية الاستراتيجية لن تكون مرتاحة باتفاق جدة، وسترى فيه «طعنة في الظهر» وإضراراً بأمنها القومي، فإن وزارة الخارجية المصرية، رحبت في بيان، اليوم، بالتوقيع على اتفاقية جدة للسلام»، مثمنة جهود السعودية في رعاية الاتفاق.
وأكد البيان، على أن «توقيع الاتفاق يمثل تطوراً هاماً في منطقة القرن الإفريقي والقارة بأكملها، لما ينطوي عليه من إنهاء وتسوية للنزاع بين البلدين الشقيقين، والذي امتد لسنوات طويلة».
واعتبر ملاحظون ان هذا البيان ليس إلا «استرضاء ديبلوماسيا» من السيسي للسعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *