تناولت الصحف الأجنبية التخبطات الحاصلة في الأوساط الأميركية، وقد تعددت المقالات والمصادر التي تحدثت عن احتدام الصراع بين الكونغرس والإدارة الأميركية حول سلطات الحرب، إلى جانب التحذيرات من مواجهة إيران في سوريا.
وفي التفاصيل، نشرت مجلة “فوراين بوليسي” تقريرًا حمل عنوان “الحرب حول سلطات الحرب تحتدم في الكونغرس” نقلت فيه عن مسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية و عن مصادر في الكونغرس أن أحد أعضاء الكونغرس البارزين في الحزب الديمقراطي يقوم بتعطيل موافقة الكونغرس على تعيين المرشح لتولي منصب رفيع لملف الشرق الاوسط بوزارة الخارجية الاميركية، احتجاجًا على عدم حصول ادارة ترامب على موافقة المشرعين الاميركيين قبل شن ضربات جوية على سوريا العام الفائت.
وأوضح التقرير أن السيناتور الديمقراطي تيم كاين الذي هو عضو في كل من لجنتي القوات المسلحة والعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ يرى أن الضربات الاميركية على سوريا خلال شهر نيسان/أبريل العام الماضي تصل الى مستوى “عمل حربي”، وأن الرئيس الاميركي دونالد ترامب تخطى صلاحياته، فالدستور الاميركي ينصّ على أحقية الكونغرس بإعلان الحرب.
وبحسب التقرير، حثّ كاين الإدارة الأميركية على الكشف عن مذكرة سرية شكلت “الاساس القانوني” للضربات على سوريا، وقال إن وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو وعد بتسليم هذه الوثيقة، لكنه لم يقم بذلك حتى الآن على الرغم من مرور سبعة عشر شهرًا على الضربات الاميركية.
كذلك نقل التقرير عن “كاين” قوله إن إخفاء المذكرة يطرح شكوكًا بأن ترامب شن الضربات دون اساس قانوني، ونقل عنه قلقه أيضًا من احتمال استخدام الادارة الاميركية هذه المذكرة من أجل تبرير الضربات العسكرية في المستقبل، سواء في سوريا او غيرها من البلدان.
وأشار التقرير إلى ان “كاين” وكوسيلة للضغط على الادارة، يقوم منذ اشهر بتأجيل تعيين المدعو “دافيد شينكر” بمنصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى، مردفًا أن هذه التطورات تعكس كذلك تزايد الجدل الحاصل داخل الكونغرس حول قدرة السلطة التنفيذية على شن ضربات من دون موافقة الكونغرس، مضيفاً بأن “هذا الجدل قد يحتدم اكثر فاكثر عندما يقوم الجيش السوري وحلفاؤه بعملية استعادة ادلب”.
كما نقل التقرير عن عدد من المصادر قولها إن بومبيو اتصل بـ”كاين” مرتين على الاقل من أجل حثه على الموافقة على تعيين “شينكر”، وأيضًا من أجل العمل خلف الكواليس لمعرفة ما إذا كان البيت الأبيض سينظر بتسليم المذكرة السرية التي قامت بإعدادها وزارة العدل الاميركية.
تحذيرات من مخاطر مواجهة أميركا لإيران في سوريا
بموازاة ذلك، توقّف المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية بول بيلار في مقال نشره موقع “لوبلوغ” عند كلام الموفد الاميركي الجديد للملف السوري “جيمس جيفري” بشأن سياسة جديدة في سوريا تتضمّن عدم انسحاب القوات الاميركية مع نهاية العام الجاري.
ولفت الكاتب الى ان هذه السياسة تتناقض مع ما يقوله ترامب عن تقليص التورط الاميركي بحروب الشرق الاوسط وعن رغبته بسحب القوات الاميركية الموجودة في سوريا.
الكاتب تطرق الى ما قاله “جيفري” عن بقاء القوات الاميركية في سوريا الى اجل غير مسمى من اجل “طرد ايران” من هناك، ووصف هذه السياسة الجديدة بانها تشكل هدفًا مختلفًا تماما لا علاقة له بمحاربة “داعش”. كما اعتبر أن تصريحات جيفري تشكل تغيرًا رسميًا عن الهدف الاميركي الذي كان يركز حصرًا على “داعش”.
هذا ورأى الكاتب أن هذا التحول يقتضي نقاشًا أوسع مما يحصل الآن، متسائلًا عن تأثير وجود “القوات الايرانية” في سوريا على المصالح الاميركية. كذلك أضاف أن تجاهل الحقائق حول النزاع السوري يعرقل صناعة السياسة الرصينة، وتابع “النظام السوري استعاد بدعم كل من روسيا وايران أغلب المناطق التي كانت تسيطر عليها المجموعات المسلحة، وأن الطريق الأقصر نحو الحدّ من المزيد من المعاناة هو أن تستكمل القوات السورية الانتصار”.
وقال الكاتب إن جيفري وغيره من المسؤولين في إدارة ترامب لم يشرحوا كيف أن بقاء القوات الاميركية في سوريا سيساعد على خروج “العناصر الايرانية”، مُستشهدًا هنا بما قاله الرئيس الايراني حسن روحاني في قمة طهران حول ضرورة إجبار الولايات المتحدة على مغادرة سوريا، وأعرب عن اعتقاده بأن إيران لديها حافز أقوى من الولايات المتحدة للاستمرار بهذه اللعبة.
هل يستسلم ترامب أمام المحافظين الجدد؟
كذلك تناول باتريك بوكانان في مقال نشرته مجلة ” ذا أميركان كونسيرفتيف” التقارير التي تتحدث عن بقاء القوات الأميركية في سوريا، فأشار في هذا السياق الى أن قوات المارينز الاميركية أجرت مناورات حية يوم الجمعة الماضي قرب القاعدة الاميركية في التنف.
وتساءل عمّا اذا كانت المصالح الحيوية الأميركية مرتبطة بإدلب أو بخروج جميع القوات الإيرانية وحلفائها، وتابع “الرئيس السوري بشار الاسد وروسيا وإيران لم يبدأوا الحرب ولم يسعوا الى الاشتباك مع القوات الاميركية”، وأضاف “العديد في واشنطن يرغبون بمواجهة مع روسيا”، لكنه لفت في المقابل الى ان “ذلك هو عكس ما تعهّد به ترامب كمرشّح”.
وخلص الكاتب الى أن “المواجهة بين اميركا وروسيا ستشكل انتصارًا للمعسكر المعادي لترامب وسيعني ان ترامب تخلى عن سياسته الخارجية لصالح تيار المحافظين الجدد و المناصرين للتدخلات في الخارج”.